انطلقت فعَّاليَّات ملتقى فلسطين الخامس للرواية العربية، والذي يتزامن مع إحياء الذّكرى الخمسين لاستشهاد الأديب المناضل غسَّان كنفاني، بندوة جاءت تحت عنوان “مفهوم الهُوِيَّة في الرِّواية العربيّة” نظمتها وزارة الثَّقافة الفلسطينيَّة بالتَّعاون مع جامعة النَّجاح الوطنيَّة في مدينة نابلس، بإدارة ومشاركة الدكتور خليل عودة، ومشاركة الدكتورة والنَّاقدة رزان إبراهيم، والدكتور النَّاقد والرِّوائي أحمد المديني، والأديب والنَّاقد محمد علي طه.
استهل خليل عودة الندوة بالحديث عن الهُوِيَّة الفلسطينيَّة والعربيَّة وإشكالاتها، والقضايا الجوهريَّة المتعلّقة بالهُوِيَّة الفرديّة والجمعيَّة في السِّياق الفلسطينيّ وعلاقته بالاحتلال، والهُوِيَّة العربية وما تعانيه في ضوء الظُّروف السِّياسيَّة والاجتماعيَّة في الدول العربية المختلفة. كما تحدث عن الهُويَّة الفلسطينيَّة في ظلّ الاحتلال، مستدلَّا برواية “الصُّورة الأخيرة في الألبوم” للأديب سميح قاسم، وما عاناه البطل من حيث الاصطدامُ بين الهُوِيَّة الفلسطينيَّة وواقع الاحتلال الذي يمنع حبيبته عنه لأنها تحمل هويّة أخرى تحاول طمسَ الهويّة الفلسطينيّة.
من جهتها تحدثت رزان إبراهيم عن موضوع الهوية الفرديَّة والجمعيَّة والعِرقيَّة وارتباطه بالاحتلال وكذلك بالاستعمار؛ ولذلك نرى قلقًا شديدًا لدى الدول المحتلة والمستعمَرة، يأتي أساسه من وجود ثقافة متعالية لدى الاستعمار الذي يطبِّق أدواتٍ سياسيَّةً احتياليةً لإلغاء هويَّة الآخر وطمسها.
وتابعت حديثها في السِّياق ذاته عن الإشكاليَّة العميقة التي طرحها غسَّان كنفاني في روايته “عائد إلى حيفا”، ومراهنة العدوّ الصهيونيّ على الذَّاكرة ونسيان الفلسطينيّ جذورَه وأصولَه المرتبطة بشكل عميق في أرضه؛ وقد ساهمت الرواية الفلسطينية في إفشال الرّهان، فالماضي جزء أساسي من الحاضر كما هو أساسي من المستقبل.
بدوره ألقى النَّاقد والرِّوائيُّ أحمد المديني مداخلةً حول ارتباط الهُويَّة العربيَّة بالثَّقافة والتَّاريخ، بالإضافةِ إلى الأجناس الأدبية المختلفة التي يكتب العرب عبرها، والإشكاليَّات التي تحيط بالهوية العربيَّة عبر هذه الكتابات، وصعوبة كتابة العربيّ عن “الأنا” كهُوِيَّة، ولو تحدَّث لوصفَ بالنرجسيَّة بسبب عدم اعتياد الأديب والجمهور العربي على هذا النَّوع، بعكس الغربيِّين الذي بدأوا به قديمًا مرورا بجان جاك روسو واعترافاته.
وأضاف قائلا إن علينا أن ندرك مفهوم الغيرية بحقّ، وبخاصَّة أن مفهوم الهُويّة قد اختلف عن السَّابق بسبب العولمة والانفتاح الفكري والثَّقافي وتداخل المصالح في الوقت الحالي، ولكي نعرف الهوية ونستطيع الحديث عنها بمفهومها الصحيح فيكون بتحقيق النهضة، فطالما أننا لم نحقق نهضتنا ونعيش في ظروف القهر السياسي والاجتماعي ولم نحقق ثورتنا الفكرية والثقافية، ونعيش ضمن مجموعة من الإرباكات. فإننا بداهةً سنظل نسأل دوما من نحن.
أما الرِّوائي والناقد محمد علي طه أسهب في حديثه عن المكان وارتباط الهُوِيَّة بالمكان الفلسطينيّ، والمحاولات الحثيثة للاحتلال لضرب هذه الهُوِيَّة، وأثر الرِّواية والأدب الفلسطينيّ عمومًا في الحفاظ على الرّواية والتَّأريخ الفلسطينيّ وهُوِيّة المكان، وضرورة السَّعي الحثيث في الوقت الحاضر من خلال الآداب إلى ترسيخ الهوية الفلسطينية والارتباط العروبي بالأرض الفلسطينية في ظل إجراءات الاحتلال المتواصلة لتهميش الهوية الفلسطينية ومحاولة نقضها.