2 December, 2025

الهروب من المصفوفة – بقلم سلام عبد الخالق

في ليلة شتاء حافلة بالجمال، انعكست روعة القدس المحررة منذ سنتين وكامل الأراضي الفلسطينية بأضوائها الساحرة على شوارعها العتيقة. الناس تتدثر بملابس الشتاء وتستمع بجمال المنظر.

تنتقل عدسة الكاميرا إلى مركز الألعاب الإلكترونية، مركز حيث يجتمع الشباب من مختلف الأعمار بحبهم للتكنولوجيا والتحدي. صخب الألعاب الإلكترونية يملأ الجو في حين يتنافس الشباب في عوالم افتراضية يسعون من خلالها لتحطيم الحواجز الرقمية وتحقيق النجاح والمتعة أيضا.

وفي لحظة اجتماع مميزة، تم تقديم البروفيسور ياسر، الذي يتمتع بعقل متألق في ربيع عمره الخامس، بمظهره العلمي الرصين ونظارته اللامعة التي تعكس بريق الأفكار. تتضح ملامحه الجادة بالاحترافية، مما يجعله يبدو كشخصية محترمة ومبدعة.

 أما “ماجد”، الشاب الطموح ذو العينين اللامعتين، التي تعكس شغفه وإصراره القوي على تحقيق الفوز والانتصار. 

يلتقي في الممر بزميلة له تدعى “رنا”، فتاة رائعة تبرز بذكاء آسر وتألق يخطف الأبصار. وتظهر كشخصية عميقة جاهزة لتحقيق التميز والنجاح في عالم التحديات.

تبدأ البطولة في قاعة التحديات بإعلان مثير، حيث يتحدث البروفيسور ياسر بحكمته المذهلة عن أهمية النزاهة والتعاون، فتعزف كلماته ألحان التفوق والانتصار. ثم تصوير اللاعبين خلف شاشاتهم وأصابعهم ترقص على اللوحات بسرعة ودقة،

كما تعرض الشاشات العملاقة تفاصيل البطولة لكافة الجمهور. وفي لحظة من لحظات الإثارة، يظهر ماجد وهو يحل اللغز الأول ببراعة متناهية، تتألق عيناه وترقص أصابعه بانسجام على أزرار لوحة المفاتيح.

 

ومع حل اللغز الأول، ينتقل فريق ماجد بثقة لامعة إلى المستوى الثاني من البطولة، حيث تزيد حماسة الفريق وتتجلى قوة العزيمة وعبقرية الفكر وروح المنافسة في وجوه اللاعبين.

وما بين الجولات، يتجمع الجمهور بلا هوادة حول اللاعبين، في انتظار بدء الجولة القادمة من المنافسة. لتنطلق هذه الأخيرة بكل قوة، وتتجه عدسة الكاميرا نحو رنا، التي تنقر بثقة على لوحة المفاتيح. تتألق عيناها بتركيز شديد وحماس ملحوظ وتدمج بين الأفكار والحركات بإصرار وعزيمة لا تلين.

وبينما تقدّمت اللعبة، وصولاً إلى لحظة القمة حيث تأتي الاختبارات الأصعب، وضعت الكاميرا تركيزها على ماجد النابغة وهو يحلّ تحديات الجولة ببراعة فائقة.

وفي لحظة مفاجئة من حكاية الفوز والخسارة، يتم عرض شخصية تدرس في الجامعة لكنها مكروهة بالنسبة للطلبة وهو د. عزيز البالغ من العمر أربعين سنة، وهو يراقب الحدث بابتسامة غامضة.

 لتعرض الكاميرا بعدها لمحة سريعة عن شاشة البروفيسور ياسر تظهر رسائل مشفرة مجهولة المصدر. تعلو على وجهه ملامح التركيز لكنه نجح في إخفاء ردة فعله. 

لننتقل إلى كاميرا أخرى تعرض لنا إعلان فوز فريق ماجد، ثم ينفجر الجمهور بالتصفيق والتهليل بحرارة وفرح، تتناغم أصواتهم مع نهاية مشوقة للمنافسة.

فجأة، يعود العرض تزامنيا مع صوت غلق الأبواب والنوافذ، توهجت الأضواء الساطعة نحو ماجد ورنا وصديقيهما في الفريق، تحوّلت أرجاء القاعة إلى فضاء سماوي مظلم. تألقت على جدرانها شاشات متطورة، كأنها بوابات إلى عالم آخر.

ظهر على الشاشة الرئيسية وجه مقنع يغطي كل ملامحه إلا عينيه، يتخفى وراء لقب “المهندس”، يتحدث بصوت بارد معدل

إلكترونيا: “أهلاً بكم في المصفوفة… لقد أصبحتم الآن جزءاً من لعبتي”.

تجمدت الدماء في عروق الجميع. أحدهم تجرأ على السؤال:

_ من أنت؟ وماذا تريد منا؟

بسخرية رد المهندس:

_ لن يهمكم ذلك… المهم هو الفوز لأن النهاية حزينة.

انقسمت الأرضية من تحت أقدام اللاعبين، فوجدوا أنفسهم واقفين على منصّات دائرية صغيرة تحلق بهم في فضاء افتراضي. ثم بدأت مجسمات ثلاثية الأبعاد تظهر من حولهم، وتشكل شبكة معقدة من البيانات والرموز.

المهندس: مهمتكم الأولى…

“متاهة الخوادم” يجب عليكم الوصول إلى مركز الخادم قبل نفاد الوقت”

 بعد عد تنازلي ظهرت مؤشرات ضوئية على بعض المسارات للحظة ثم اختفت، مما دفع أحد الأصدقاء إلى الصراخ: علينا تذكر المسارات والجري قبل فوات الأوان!

انطلق الجميع بسرعة، يحاولون بشتى الطرق تذكر المسارات المشعة التي رأوها. لكن خلال السباق، سقط أحدهم في فجوة وظهر آخر محاطًا بجدار ناري. اشتدت حرارة الجدار حوله حتى تحول إلى رماد، ثم اختفا كلاهما من اللعبة. ازدادت صعوبة المتاهة مع كل خطوة، رغم التعاون والتبادل السريع للمعلومات للنجاح في مهمتهم. وصل ثلاثة من الأصدقاء في النهاية، بأنفس متقطعة. قال ماجد، وهو يشير إلى مكعب شفاف يطفو في المركز، “يبدو أن هذه هي الشفرة التي تحدث عنها ‘المهندس” بمجرد لمسهم للمكعب، انشقت شاشة أمامهم، مطلقة موجة صوتية أعلنت بصوت مدو: “تهانينا للاعبين الناجين. لقد تجاوزتم المرحلة الأولى. استعدوا للتحدي التالي!”. اختفت المتاهة من حولهم، ليجدوا أنفسهم في غرفتين مختلفتين،

يفصل بينهما جدار زجاجي. كان الصديقان في غرفة وعمر وحيدا في الغرفة المقابلة.

ظهرت على الجدران مخططات معقدة لشبكات وخوادم، وفي المنتصف برزت قاعدتي بيانات مختلفتين، إحداها حمراء والأخرى زرقاء.

“المهمة الثانية: الاختراق المزدوج” 

_ “على كل فريق اختراق قاعدة بيانات الفريق الآخر وإصابتها بفيروس قاضٍ. الفريق الذي ينجح في ذلك أولاً يفوز ويكمل إلى المرحلة النهائية.” 

نظر الأصدقاء إلى بعضهم بقلق. لم يسبق لهم أن قاموا بمثل هذه المهمة من قبل، ناهيك عن أن التواصل بينهم أصبح مستحيلاً. كيف سيتمكنون من التنسيق ووضع خطة للهجوم والدفاع في آن واحد؟ بدأت الثواني تمر ببطء، حيث يحدق كل منهم في الشاشة أمامه، يحاول فهم النظام والبحث عن ثغرة ما. 

 لم يدركوا حينها أن “المهندس” كان يريد دراسة سلوكهم وردود أفعالهم تحت الضغط، ليجعل من لعبته الملعونة أكثر فتكًا ورعبًا. أدرك ماجد ورنا أن عليهم العمل بسرعة. وبصمت، اتفقا على خطة: ستعمل رنا على فك شفرة جدار الحماية لقاعدة بيانات عمر، بينما ماجد يجد طريقة لإرسال رسائل مشفرة لعمر. في المقابل، كان يدرك أن “المهندس” يراقبهم، لذا تظاهر بالتركيز على مهمته، بينما كان يحاول فهم النظام وإيجاد طريقة للتواصل مع أصدقائه.

بعد لحظات، نجح ماجد في اختراق نظام المراقبة، وبواسطة رسالة مشفرة، أعلم عمر بموقع الثغرة في جدار حمايته، الأمر الذي جعله يقوم بتعزيز الدفاعات حوله. وفي نفس الوقت، نجحت رنا في فك شفرة جدار الحماية واكتشاف الفيروس الذي كانت تعتزم إطلاقه. لو لم يكن يهدد حياة أصدقائها. أخبرت ماجد بالأمر، فتوصل إلى خطة خطيرة تنهي “المهندس”. وافقت رنا على الخطة. وأثناء التنفيذ، تلاعب ماجد بـبرمجة اللعبة بينما فريقه يشوش على نظام الحماية، وبتناغم تام، 

 شن الثلاثة هجومهم المشترك ناجح تمكنوا من إحداث ضربة قوية في نظام وأسس لعبة المصفوفة. 

اهتزّت الغرفة من حولهم مع تدمير النظام الرئيسي. انقطع العرض لبضع ثوانٍ قبل أن يظهر وجه “المهندس” مُشوّهًا من الغضب. “مستحيل! كيف تجرّأتم…”

اختفى وجهه من على الشاشة مع انهيار نظام العرض عن بعد، ثم انطفأت شاشات “المصفوفة” ليعمّ الصمت أرجاء الغرفة، تنفس الأصدقاء الثلاثة الصعداء، اعتقدوا للحظة أنهم قد هزموا المصفوفة، وتمكنوا من تحرير أنفسهم، لكنّ فرحتهم لم تكتمل. 

عاد التيار الكهربائي بقوةٍ هائلة أضاءت الغرفة بضوءٍ أبيض ساطع، أعمى أبصارهم لبضع ثوانٍ. وعندما تمكنوا من الرؤية مجددًا، وجدوا أنفسهم في قاعةٍ مُختلفة تمامًا. كانت قاعةً دائريةً واسعةً ذات أرضيةٍ لامعة كالمرآة، تُحيط بهم من كلّ جانب جدرانٌ معدنية بيضاء.

ثم دوى صوت “المهندس” – أقوى وأكثر شرًا من ذي قبل – يهزّ كيانهم: “حمقى! لقد أيقظتم الوحش بداخلي! أهلاً بكم في “لعبة المصفوفة القاتلة!”. 

ظهرت على الأرضية خطوطٌ حمراء رقيقة تتّخذ شكل دائرةٍ كبيرةٍ تُحيط بهم، وكأنها تُحدّد حدود ساحة قتال. 

_ هذه المرّة، لا مهام مُعقّدة ولا ألغاز غامضة… فقط قتالٌ أخير مُرعب! قتالٌ من أجل البقاء! فإمّا أن تهزموا أو تُبادوا!

 انقسمت الأرضية أمام أعينهم المذعورة، ليخرج منها ثلاثة (روبوتات) مخيفة، مستنسخة من ماجد ويوسف ورنا ذاتهم. كانت عيونهم تتوهّج باللون الأسود، وحركاتهم سريعة كأنها برق.

اشتعلت ساحة “المصفوفة القاتلة” بمعركةٍ ضارية بين الأصدقاء ونُسخهم. لكل ضربةٍ يسدّدونها ردٌ أقوى وأسرع، والوحوش تستمدّ قوتها من يأسهم.

 لاحظ عمر ظاهرةً غريبةً أثناء القتال، ففي بعض الأحيان، ضربةٌ تصيب أحد الوحوش بشكلٍ مباشر دون أن يهاجمه أحدٌ منهم، وكأنها أعطالٌ مفاجئة تصيب أنظمتهم.

صرخ عمر للفت انتباه اصدقائه: “هناك شيء غريب يحصل! أظن أن هناك طريقة لإيذائهم دون اللمس!” لكن كلامه ضاع وسط ضجيج القتال وتزايد شراسة الوحوش.

انهارت قوى الأصدقاء تدريجيًا، أنهكهم التعب والإصابات التي لحقت بهم. سقط ماجد أولاً، ثم ليلى وعمر. تجمدت أنفاسهم وهم يرون الوحوش تتقدم نحوهم ببطء مرعب، عيونهم تتوهج باللون الأحمر القاتل، مستعدةً لإطلاق ضربة النهاية. ارتفع جسم كل وحش قليلًا، وانطلقت من عيونهم أشعة قاتلة من “أشعة غاما” تتجه نحو صدور الأصدقاء بشكل دقيق. كانت تلك هي النهاية، شعاعٌ واحدٌ من تلك الأشعة كفيلٌ بتحويل أجسادهم إلى رماد في ثوانٍ.

 

فجأةً، توقفت الأشعة على بعد سنتيمتراتٍ قليلة من صدور الأصدقاء. تجمدت حركة الروبوتات وكأن أحدهم ضغط على زر إيقاف الزمن. أجسادهم صارت كالتماثيل، وعيونهم المتوهجة فقدت شعلتها.

قلوب الأصدقاء تدق بعنف وعيونهم متسمرة بدهشة وهي تنظر نحو رؤوس النسخ التي ظهرت فوقها مثلثات حمراء رأسها متجه للأعلى وقاعدتها في الأسفل، صرخ سالم بنبرةٍ سعيدة: “البروفيسور! لقد تدخّل البروفيسور!”.

كانت تلك المثلثات الحمراء هي علامة البروفيسور المميزة، علامة كان يستخدمها سرًا في برامجه ليشير إلى وجوده وتدخّله. ولكن شكلها المقلوب للأعلى كان سببه نوع الخصم.

تم انتقل الاتصال من كاميرا القاعة إلى أخرى في مكان غريب وبشكل مفاجئ، تاركة الأصدقاء والوحوش المتجمدة وراءها.  

لنجد أنفسنا في غرفة مظلمة ذات إضاءة خافتة، كغرف التحكم الرئيسية، كان “المهندس” بزيه الأسود المعتاد وقناعه الذي يخفي وجهه، يجلس أمام شاشة عملاقة تظهر مشهد “المصفوفة القاتلة” المتوقف. 

بجانبه وقف رجل ضخم يبدو من شارة قميصه أنه أحد ضباط الشرطة. يوجه مسدسه نحو رأس المقنع ويردد بصوت حاد: “لا تتحرك! أية حركة مفاجئة وسأطلق النار!”

أما البروفيسور فكان خلف الشرطي يمسح زجاج نظارته في حركة تدل على الانتصار، ليطلب منه ترك مساحة صغيرة يتحدث فيها مع المهندس دون أن ينزل سلاحه. وافق الشرطي بعد تردد وسلامة الجميع على المحك، أخذ الشرطي نفسًا عميقًا وتراجع ببطء خطوة إلى الخلف، ومسدسه نحو رأس “المهندس”. 

بنبرة حازمة قال البروفيسور: “أعتقد أن الوقت قد حان لترينا وجهك الحقيقي. انزع قناعك.” 

 دون لف ودوران، رفع “المهندس” يده ببطء وخلع قناعه الأسود، كشفا عن وجهه الذي جمد ملامح البروفيسور والشرطي في وقت واحد، كأن صاعقة قوية أصابتهما، وبينما يتأملان وجهه انطلق صوته كفحيح الافاعي وهو يعبر عن اشتياقه الشديد لهما بطريقة لا تخلو من الغموض وألقى ببطاقة مكتوب فيها اسمه الحقيقي والذي لم يكن عزيز كما كان يعرف الجميع بل “دافيد”. البروفيسور لم يصدق ما يراه أمامه، والشرطي كان يحاول فهم الوضع الذي انقلب رأسًا على عقب أمامه. 

أعاد الشرطي توجيه مسدسه نحو دافيد الذي لا يبدو مهتمًا كثيرًا، “المخططات؟ إن هذه لم تكن إلا بداية. البداية لانتقام سيعيد تشكيل هذه الأرض!

البروفيسور: الانتقام لن يعوضك عما فقدته، حتى وإن كان لديك طريقة خيالية وعادلة للفوز، كل ما ستحصل عليه هو المزيد من الألم والدمار!

 _ “الألم والدمار هما لغة هذا العالم، أليس كذلك؟” سخر دافيد ببرود، “لقد تعلمت ذلك بصعوبة جمة.” 

ما الذي تريده بالضبط؟

_ أريد ما حُرِمنا منه، ما سلب منا ظلما! أريد أن يدفع العالم بأسره ثمن تجاهله لنا!”

أدرك البروفيسور أن المحادثة مع دافيد لن تكون سهلة، وأن دافيد قد سقط في فخ الانتقام، ولن يقف حتى يحصل على ما يريده.

_ “أفهم غضبك، لكن هذه ليست الطريقة الصحيحة لتحقيق العدالة.” لم يعر دافيد كلام البروفيسور أي اهتمام، عيناه تحدقان في الشاشة التي تظهر صور الأصدقاء المتجمدين داخل “المصفوفة القاتلة”. “العدالة؟” قالها بصوت ساخر “أين هي العدالة في هذا العالم؟”.

قرر البروفيسور تغيير مسار الحديث: 

_ ما هدفك من كل هذا، لماذا تعرض هؤلاء الشباب للخطر؟

_ هدف بسيط، أريد أن أريهم حقيقة هذا العالم وأجعلهم يختبرون شعور العجز والخوف الذي عشته أنا! … لكن هدفي الحقيقي أكبر من ذلك بكثير. هذه اللعبة ليست سوى اختبار، لشيء أكبر بكثير. أريد أن أثبت للعالم بأنني لست شخصًا يمكن تجاهله، سأعيد كتابة التاريخ وسأسترد كل ما سلب مني، ولو كلفني الأمر تدمير كل شيء!

لم يتحمل الشرطي كلمات دافيد المستفزة التي تنضح بالغرور. صرخ الشرطي، وصوته يرتعد من الغضب: 

_ لا غرابة منك أيها الوغد! ما دمت إسرائيليًا فلا بد أنك ستشعر بالظلم الوهمي! ابكِ كالصغار، لا أحد يهتم لأمرك! وهل تريد أن أخبرك كم هي الساعة الآن؟ أراهن أنك لا تعرف، إنها الساعة العاشرة وسبع دقائق!”

 ارتفعت حرارة الغرفة مع كلمات الشرطي المستفزة. لبس وجه دافيد قناعا من الغضب، عيونه تطلق شرارات من الكره. 

لم يسمح لهذه الإهانة بأن تمر مر الكرام. في لحظة سريعة، ضغط دافيد على زر مخبأ في خاتم أصبعه. فدوى صوت صفير حاد في أرجاء الغرفة، تبعه سلسلة من الانفجارات المدوية التي اهتزت لها جدران المبنى. 

“لاااااا!” صرخ البروفيسور، ألقى بنفسه أمام الشاشة لحمايتها من الشظايا المتطايرة. في فوضى الانفجارات، لم يجد الشرطي متنفسًا سوى إطلاق النار. تردد صوت طلقة نارية اخترقت صمت الغرفة المظلمة.

هدأت عاصفة الانفجارات تاركة وراءها غبارًا يتطاير وصمتًا ثقيلًا. أخذ البروفيسور يتأكد من سلامة الجهاز. بينما دافيد ساقط على الأرض، تحدق عيناه بلا حياة، فالموت قد حسم الأمر. ثم ركّز البروفيسور انتباهه على إيقاف البرنامج الذي حبس الشباب في عالم افتراضي.

 بدأت أصابعه تتحرك بسرعة على لوحة المفاتيح، حتى أضاءت الشاشة بضوء أخضر معلنة نجاحه في فك شيفرة دافيد. خرج الشباب من “المصفوفة” واحدًا تلو الآخر. لتعم الفوضى أرجاء المبنى من جديد مع وصول سيارات الشرطة والإسعاف. حيث تبيّن لاحقا أن انفجارات دافيد كانت موجهة نحو قاعات فارغة، بعيدةً عن مكان الحضور.

https://palfcul.org/?p=14031  رابط مختصر

Font Resize