-الملاك: تناولي الخبز سريعاً.
-الطفلة: لا أستطيع، فكما ترى ما بيدي ليس بسكويت، بل قطعة خبز يابسة من علف الحيوانات ممزوجة بالأتربة، وهي قاسية جداً على فمي، وثقيلة على معدتي الصغيرة، لم أصل بعد إلى العمر الذي يكون بمقدوري أكلها بسهولة.
ولماذا يجب عليَّ الإسراع؟!
.. هل هناك ما يستدعي ذلك؟
-الملاك: نعم، هناك ما يستدعي ذلك.. الصاروخ آتٍ، لم يَعُد هناك وقت، سيصل في أي لحظة.
-الطفلة: لا بأس، سوف أُخبِره أن ينتظر ريثما أنتهي من طعامي.. وأنا كنت أنتظر قدومه، حتّى إنّه قد تأخر ليأخذني إلى والِدَيّ وأختي التي تشاركنا البطن ذاتها والسرير ذاته، هذه المرّة لكل واحدةٍ مِنّا سريرها الترابي.
-الصاروخ: هيه، أنتِ يا طفلة، ألم يخبرك الملاك أنني قادم؟!
-الطفلة:
بلى أخبرني، لكنني قلت له: إنني سأطلب منك أن تنتظر ريثما أنتهي من طعامي، فليس من الجيّد أن أذهب إلى أمّي ومعدتي فارغة، لم يَعُد لديها إلّا ثديٌ واحد، فالآخر قضمه أخوك.. حدث ذلك قبل يومين من الآن.
-الصاروخ: ليتني أستطيع فعل ذلك، ليس لي سلطة على نفسي، هناك من يتحكّم بي، فلتغفري لي يا طفلة، ليسَ لي ذنب في شيء، وإلّا فمن ذا يمكنه أن يرفض طلبك؟!
-بووووووم.. صُراخ.. بُكاء.. رُكام.. دخان، الطفلة ماتت وما زالت تُمسك بالخبز، وكأنّها تقبض حجَّتها معها، التي ستأخذها إلى ربّها، لتخبره بأنّها لم تكن تحمل السلاح، بل قطعة خبز يابسة زاحمت الحيوانات عليها، ومع ذلك قتلوها.




