8 February, 2025

نازية العصر الجديد إلى أين؟- بقلم خضير بشارات

منذ  شرارة عام ( 1965 م ) و تفجير نفق عيبون و انطلاقة الرصاصة الأولى في وجه الاحتلال و  عبر التاريخ الطويل  لكفاح الشعب الفلسطيني و الذي  آخره السابع من أكتوبر من العام الماضي (2023م )  و الثورة الفلسطينية  مستمرة  و مشتعلة و شلال الدم الفلسطيني يتدفق ، لنيل الحرية و الاستقلال ،  غير ملتفت إلى كل المشاريع الاستعمارية التي تهدف إلى تصفية القضية الوطنية ، و ذوبانها  في  دول الطوق تحت مسمى أرض بلا شعب ، 

إن الأرض الفلسطينية كأبنائها الحقيقيين ترفض كل ما هو غريب و لا تقبل سيطرته عليها فهي تقاتل بكل مكوناتها ، الشجر يتشبث بمن زرعه ولا يتماشى مع اليد التي تحاول كسره فهو صلد أبي على الغربان ، الحجارة تتهاوى على العدو ، يقذفها الهواء النقي الرافض  كل ملوثات الجو ، فهو جزء من المظاهر الكونية التي تتشكل منها فلسطين   فيقاتل لبقائه نقيا طاهرا ، الإنسان الفلسطيني يناضل و يقاتل ،  يواجه و يتحدى الهمجية الصهيونية ، ليدحض كل القرارات المزعومة التي تدعو  لتوطين الاحتلال في وطنه ،  المخيم رغم جرحه النازف  الذي يمتد إلى سبعين عاما بل أكثر  يوسع مدى ثورته  ويطور  أساليب الكفاح و يضيق الخناق على العدو فهو في  حالة غير استقرار ليعود إلى مسقط راسه ، عهد اتخذه على نفسه و لم ترم الأجيال مفاتيح المنازل التي هجر منها الأجداد ، فالأحفاد حفظوا الوصية جيدا ، و لم ينسوا العهد و لم يتجاهلوا قسم النازحين أو اللاجئين ، فحق العودة  تحفظه الذاكرة الوطنية مهما اشتعل الوطن سنينا من عمر الاحتلال ، الأرض ترفض الأقدام التي تسير عليها أجنبية الأرقام المدونة عليها   و غريبة الصنع و ظلامية اللون الذي  يطمس زي من يلبسها  ، هي الأرض التي يلائمها من يخفف الوطء عليها ، و يرفق بتضاريسها ، و يتحسس جمالها ، و يعيش مع وعورة جبالها ، 

إن ما تحياه الأرض الفلسطينية لهو حرب  إبادة ، أطفال و نساء و رجال يحرقون بنيران العدو الصهيوني و المدعوم من رأس الشر أمريكا و معها عصبة الدول الاستعمارية ، فمن  هنا يتحتم الحديث بلغة واحدة ، اما أن نطلق العنان للغة العقل أو أن نطلق أجنحة العاطفة ، فلا يجوز الدمج بينهما ،  كما لا يعقل إن نكون عقلاء و مجانين في آن واحد  ، فالتفريق بينهم واجب وطني ، و لا يمكن أن نحصرهما في وقت واحد أو مكان واحد  فلكل منهما زمان و رجال ، فالحرب مؤلمة و لم يبدأ مشوار التعب بعد ، فساحة الحرب  لازالت مستعرة  و هاجة ، و نحن نقف في قارعة الليل ، نبحث عن حلم ينجينا ، جلدنا أنفسنا كثيرا في عمق السلم الذي لم تنبت بذوره بعد ، فجاءت عجلة الدورة الأخرى و وقفنا مذهولين لم نعرف ما نريد بعد ، فلحقنا  الانقسام  و الذي هو جزء من صفة  القذارة التي منعت كل الاطياف  من أن تقف في  طريق  واضحة الأهداف و معالمها معروفة ، تغطوا  بقشور  الأنا  ، ليرفعوا عن صدورهم الملامة ، عروا ظهور الأبرياء لتبقى جباههم في أكياس البيع و الشراء ، من هنا لا أمل قريب ، فتلوح بشائره في أفق  السماء المحروقة ، محرقة العصر و حرب الإبادة نعيشها اليوم بكل تفاصيلها الصغيرة منها  و الكبيرة  التي تقض مضاجع  الإنسان ، فلا نعلق الآمال بالمحهول ، فلنتركه يأتي بما يحمل عسى أن يكون فرجا ، اليوم هو آلة البطش الصهيونية تضرب حممها ، تدمر ، تهدم ، تقتل ، تشرد لم تبق ما هو أهل للحياة ، تجعل الإنسان الفلسطيني يبحث عن أصغر حقوقه إن وجدها في قارعة الطرقات المتهدمة ، يفتش عن خيمة و ماء يقيه لهيب الصواريخ المتفجرة في أجساد الأطفال ، تعيدنا الهجمة الصهيونية إلى عقود حيث النكبة الأولى ، حيث الخيمة و كرت المؤن و علامة  اللاجئ التي انطبعت على وجوه المشردين ، على الفلسطيني اليوم أن يحافظ على كمية الهواء النقي التي يمتلكها ليتنفس  من خلالها ،  و تمكنه من العيش   في ظل السموم التي ترسلها  طائرات العدو ، التي لا تحترم الإنسانية و لا تراعي قوانين الحروب ، فتقتل الأطفال و النساء و الرجال و تطحن البراءة و تخلطها مع ركام المنازل ، في ظل الدمار الذي اصاب القضية و ما  يتبعه  من الصمت العربي و الأجنبي تجاه الشعب الفلسطيني على الفلسطيني أن يصدح باعلى ما يملك من صوت  ، أن يخرج عن صمته و إلا سيلحق بركب المتخاذلين الذين ينتظرون سقوط فلسطين من كبوتها لمرة آخرى أمام  وحشية العدوان الإسرائيلي فاقد القيم و الأخلاق الإنسانية ، 

Font Resize