مشاهد القصف – بقلم رحاب عمر مشاركة ضمن موسوعة “غزة كفاح وجراح”
صوت سرينة الشرطةِ أسفل النافذةِ طرقاتٌ مزعجةٌ على بابِ منزلي
نوم يلُفُنى فأسافرُ عبْرَهُ
تتلَقَّفُني كفوفُ من أحبُّ
صياحُ البالغِ الذي أنجبتُهُ
أريد بيتزا ساخنة
والفزع
كلَّ الفزعِ
من غلاءِ سعرِ الدقيقِ
وحرمانِ البصلِ من موطنِه الأصلِيّ
وتخزين القصبِ في
أمعاء العملاء
ثم توريد الحديدِ المدرجِ من السماءِ
لصنعِ أرجلٍ لمعاقٍ إمارتيْ
وأخيراً
ارتعاشه يدُ البقالِ وهو يزنُ ليْ
جراماتِ البنِ المحوَّجِ
أستيقظُ وألما في كفوفي
كيف ألمس هذا العالم بكفٍ متألمٍ
وقلبٍ يدقُ دقاتٍ زائدةٍ.
ألتهمُ الشمسَ وكوباً من أخبارِ الصباحِ
فأتخبطُ كالسَّكارى.
وقعُ الصورِ على الذاكرةِ
مَظروفٌ في بريدي أتحاشاه
صورةُ الوغدِ الذي يحكمُنِي
صحبةُ الأغبياءِ ….. كلُّها تُشْبِهُ
التهابَ المفاصلِ
مرارةُ الحلقِ وداءُ السكرِيّ.
ثُمَّ
طعاماً ألتهمَهُ خوفا من مجاعةٍ قادمةٍ
وموتُ البتلاتِ فى تربةٍ أسمنتيهٍ محشوةٍ
بالدولاراتِ وبأحلامِ أمةٍ.
صَمْتى والعالمُ منتفضٌ
يدٌ تتسللُ تَنْغَزُ في وريدِي
هدوءُ مَلامِحي وتَصَارعٌ
يحْتدمُ في..
ابتسامتِي الباردةِ وأنا ألملمُ
النيرانَ داخِلِي وأُحْكِمُ قَبْضَتِي عليها
خَشْيةَ أنْ يشتعلَ غَدِيْ..
الثيرانُ حوْليْ
والأغبياءُ يمتنعون عن الصراخِ
تَفَشِّي البكتيريا فجأةً في أفكارِيْ
وجناحُ بعوضةٍ في كأسِ قَناعاتِي.
صوتُ مُذيعي الجَزيرةِ
وميوعةُ إعلامِنا المبتذلِ
وصلاةُ الكافرين على موائدِ الموالاةِ
رقصةُ تانجو صباحيةً
في باحاتِ مسجدٍ ممنوعٌ من الخدمةِ
نبرةُ صوتِ الجَوعَى في غزةَ
ثُمَّ
نبرةُ صوتِ الجَوْعَى في غزةَ
لا أظنُّها كركرةَ أرجيلةٍ
ولكنَّها استغاثاتٌ لبطونٍ مهاجرةٍ.
نداءاتُ الخَرسِ
لعالمٍ أصمٍ
عبثٌ ما يحدثُ
كيفَ تنكسفُ الشمسُ
ويدخلُ المنطقُ فى علاقةٍ غيرَ مشروعةٍ
مع الباطلِ؟
دِقةُ المحتلِ الشريرِ في تقطيعِ الأجسادِ
مُعَذَّبٌ يلتقي يوم العيد بعظامِ زوجتِهِ وأشلاءِ أبنائِهِ
جمعُ شملِ أحبالٍ صوتيةٍ تطلقُ صوتَ النفاقِ
على دقِ طبولِ الإذعانِ
ومؤذنُ الحرمِ وهو يدعو بطولِ العمرِ لحاكمٍ أرعنٍ
وعميلٍ جبانٍ
وأقدام العصاةِ الواقفون على بابِ الجنةِ
وأنا أحاربُ كي أحجزَ لجسدي مكاناً فى مقبرةٍ جماعيةٍ..
طفلةٌ تبحثُ عن كفِّها اليُمْنَىْ
وقدمُها اليُسْرىْ
تتدللُ على القمرِ
لاسترجاعِ صورتَها القديمةِ
وصغيراً تسجدُ أمنيتُه على أقدامِ الكوابيسِ
ويدٌ ترتجفُ دونَ جسدٍ
وبؤبؤةٌ تتطايرُ فارةً من ضعفِ النظرِ
وهذا العالمُ الأحمقُ الذي لا يَرَانا
وابني الصغيرُ الذي يحلمُ أن يفتحَ بابا للرزقِ
في دولةٍ تبيعُ الشرفَ في محلاتِ الصلصةِ والمشروباتِ الغازيةِ.
آهٍ
إنها كفوفي
تؤلمُني أكثرَ
أنا وفى مواجهةِ صوتيَ المكتومِ
ثُمَّ أنا بعدُ
أنا وأنينٌ ونبراتُ خَرَسٍ مُؤْذِيَةٍ
أنا واستغاثةٌ لرفيقِ عُمْرٍ
يخطئُ في اسمي عبرَ الهاتفِ
ثم أنا وصوتُ القصفِ
وفَزَعِي من الألعاب الناريةِ
صباحَ يومَ العيدِ
صَمتي والعالمُ منتفضٌ
ملامحُ المنافقين حَوْلِيْ
الموالينَ والدروايشَ
العبادَ الزاهدين
وكلُّ الواقفين على بابِ العميلِ
يطلبون الصفحَ
ويجذبون أزرعَ العفوِ من كَهْلٍ قصيرٍ بلا أزرعٍ
مفزعةٌ تلكَ الإشاراتِ
مرةً أخرى
صورُ الأغبياءِ تُوْجِعُنى
تماماً
كالصداعِ النِّصْفِي
والتهابِ القولونِ
حتى الكسلَ الذيْ يُشْعِرُنِي
بلا جدوى والرغبة في التزامِ النومِ…
ليتَها الشمسُ
لا تشرقُ
ككلِ ليلةٍ
هذه الصفحة “الخاطرة النثرية” مخصّصة للمشاركات والمساهمات الأدبية في موسوعة “غزة كفاح وجراح” الواردة إلى بيت فلسطين للثقافة
https://palfcul.org/?p=9460 الرابط المختصر