في قرية صغيرة تدعى “جبع” شمالي رام الله، كان يعيش سامي، شاب في منتصف العشرينيات من عمره، مع جدته الكبيرة في السن، أم حسن. كانت جبع قرية هادئة تحيط بها المناظر الطبيعية الخلابة، والجبال الخضراء التي تعكس جمال فلسطين. كان سامي يعمل كمهندس زراعي، واعتاد على قضاء أوقات فراغه في الزراعة والعناية بالأرض.
ذات يوم، تلقى سامي خبرًا مفاجئًا: سيتم افتتاح متحف في “القدس” يروي تاريخ فلسطين وثقافتها. قرر سامي أن يذهب إلى القدس لحضور الافتتاح، وأراد أن يزور الأماكن التي كانت جزءًا من طفولته وتاريخه. كانت رحلة العودة إلى القدس تعني الكثير بالنسبة له، فهو كان يتمنى دائماً أن يعرف المزيد عن تاريخه وتاريخ عائلته.
قبل مغادرته، جلس سامي مع جدته أم حسن تحت شجرة زيتون في حديقة المنزل، وقال لها، “جدتي، سأذهب إلى القدس لحضور افتتاح المتحف. هل لديك أي ذكريات أو قصص عن عائلتنا أو عن الأماكن التي يجب أن أراها في رحلتي؟”
أم حسن ابتسمت برقة، وقالت، “سامي، هناك العديد من الأماكن التي تحمل ذكريات جميلة. عندما كنت صغيرة، كنا نذهب إلى “نابلس” لشراء الخبز الطازج، ونتنزه في أسواقها القديمة. وأيضاً، لا تنسَ زيارة “الخليل” لشراء الخليلية الشهية.”
انطلق سامي إلى القدس في صباح اليوم التالي، وهو مليء بالحماسة. وصل إلى المدينة القديمة وتجول في أسواقها الضيقة، حيث استنشق عبق التاريخ. بعد الافتتاح، قرر سامي زيارة نابلس، وتناول الخبز الطازج من أحد الأفران القديمة، كما نصحت جدته.
بينما كان يستمتع بوقته في نابلس، قابل سامي رجلاً مسنًا يدعى أبو يوسف، الذي كان يروي قصصًا عن زمن مضى، عن أيام النكبة وكيف أن القرية كانت تملأها الحياة والنشاط. أبو يوسف قال، “أجدادك كانوا يعملون في الأراضي المحيطة بنابلس، وكانوا يزرعون الزيتون والتين، وكانوا يحلمون بمستقبل أفضل.”
تأثر سامي بحديث أبو يوسف، واستمر في رحلته إلى الخليل، حيث زار الأسواق القديمة واشتري الخليلية الشهية. في الخليل، التقى بشاب يُدعى عادل، الذي كان يعمل في مصنع صغير للحلويات. عادل روى له كيف أن الخليل كانت مركزًا مهمًا للصناعة والحرف اليدوية، وكيف أن العائلات كانت تجتمع في المناسبات الاجتماعية لتبادل القصص والأطعمة التقليدية.
بعد انتهاء رحلته، عاد سامي إلى جبع وهو يحمل معه ذكريات جميلة وتجارب جديدة. عندما جلس مع جدته أم حسن، قال لها، “لقد تعلمت الكثير من هذه الرحلة. القدس ونابلس والخليل كانت مليئة بالقصص التي تعكس تاريخنا وثقافتنا. وأشعر الآن بأنني أتممت حلقة مهمة في فهمي لبلدي.”
أم حسن نظر إليه بفخر، وقالت، “سامي، تاريخنا وثقافتنا تعيش في كل واحد منا، وكل قصة نسمعها تضيف قطعة جديدة إلى هذا النسيج الجميل.”
أصبح سامي أكثر ارتباطًا بجذوره، وقرر أن يشارك القصص التي سمعها مع جيرانه وأصدقائه. من خلال رحلته، اكتشف أن العودة إلى الجذور ليست مجرد زيارة لأماكن، بل هي رحلة تعمق فهمنا لثقافتنا وتاريخنا.
وانتهت القصة بسامي وهو ينظر إلى الأفق من قريته جبع، متذكرًا الأماكن والأشخاص الذين قابلهم، ومدركًا أن كل رحلة تعيد لنا ذكريات وتفتح لنا أبوابًا جديدة لفهم أنفسنا وماضي أجدادنا.