لم يدري من أي ثقب خرج عليه، وآثار الدماء مازالت عالقة بجبينه، يتأبط شرا، ويكاد الغضب يعمي عينيه، ولا من سترة تقيه تقلب الجو، غير ثياب ممزقة وأثربة غمرته بالكامل، وعلامات العياء بادية على محياه؛ وكأنه آت من سفر طويل، يحمل حقدا دفينا، يطلب ثأرا قديما.
تصادف وصلاة السحر قائمة، ولا من داع يفسد عليه صلاته وهو بين يدي رب كريم، قائم يصلي، سابح بالملكوت الأعلى، يرتجي الرحمة والمغفرة ولقاء بقلم سليم.
تسمر مكانه، وعيناه تتطاير شرارة، حام من حوله ومن دون أن يلمس شعرة من رأسه؛ وكأن يديه شلت عليه من خلاف.
وفجأة قفل راجعا إلى الوراء، وانزوى بركنية، ألقى بسلاحه أرضا، توجه نحو القبلة يصلي في صمت، والدموع ملأ عينيه، يصارع نحيبا بالكاد ينفلت من بين شفتيه.
وفي لحظة وجدا أنفسهما وجها لوجه، يجلسان القرفصاء، وقد تشابكا الأيدي وحدا الرأس بالرأس؛ وكأن بهما وحشة لا توصف جرى الزمان عليها، يتطلعان إلى الله المنان رب موسى وعيسى ومحمد، ولسان حالهما لا ينفك يردد أدعية، يستعيذا منها بالله من كل شيطان التبس على هيأة انسان، ركب الدين، قطع أواصر القرابة، وعاث فسادا في البلاد والعباد.
رابط مختصر: https://palfcul.org/?p=14055