زمن الشواذ – بقلم علي ناصر المرح مشاركة ضمن موسوعة “غزة كفاح وجراح”
مالي أرى هذا الزمان تكادُ
مما به تتفطّرُ الأكبادُ
فيه الرذائلُ و البذائلُ شُيِّدَتْ
و تهاوِت الأخلاقُ و الأمجادُ
صرنا نرى فيما نراهُ عجائبا
لم يشهدوا أمثالَها الأشهادُ
بِدَعٌ من العاداتِ باتَ مِراسُها
فَنَّاً و أهلُ سلوكُها روَّادُ
فيها الشواذُ تفلسفت و تفصَّحتْ
و تفاخروا بركوبها الأوغادُ
و تعالت أصواتُ الفجورِ ببوحِها
ليفوحْ منهُ الكفرُ و الإلحادُ
و الزيغُ و الإسرافُ طالَ به المدى
و تزينت بِلباسهِ الأبعاد.
فِسقٌ و زَندَقَةٌ و غَيٌّ سافِرٌ
و تفاهةٌ و خَساسةٌ و نَكَادُ
و تَعَانِفٌ و تَجانِفٌ و صوارِفٌ
تنشقُ من أهوالِها الأطوادُ
الظلمُ و الإجحافٌ أضحى صارِخا
و على صَليبهِ تُذبَحُ النُقَّادُ
و البغَي أسرجَ للفواحشِ خَيْلَهُ
فلتستعدْ لبطشهِ الأضدادُ
و تجففَ الإصلاحُ فيهِ كأنما
نهرَ الحضارةِ للفسادِ مِدادُ
فالهدي جهلٌ و الرشادُ ضلالةٌ
و البغي هديٌ و الضلالُ رشادُ
و الالتزامُ تخلفٌ و توحِشٌ
و الانحرافُ تقدمٌ و سدادُ
فهي الحضارةُ في خلاصةِ رأيهم
فِسْقٌ بهِ مثليةٌ و فسادُ؟؟
هل يا تُرَى عادت عصورُهمُ و هل
عادَ الضلالُ و قومُ لوطٍ عادوا ؟!
و ثمودُ عادتْ دونِ ناقةِ صالحٍ
و بغيرِ هُودٍ باغتتنا عادُ؟!
و تجبَّرت إرمٌ على أقْطارِنا
في العصرِ هذا و هي ذاتُ عِمَاد.؟
أم عادتْ الأوفاقُ يضْرُبُ سِحْرَها
في مُلكِهِ فرعونُ ذو الأوتادُ ؟؟
حتى غدا الحرُّ الشريفُ مواطِنَاً
و غدا الزعيمَ القائدَ القوَّادُ
و بنى اللئامُ على الفُجورِ عروشَهُمْ
و المكرمونَ عنِ الكرامةِ حادوا
حيثُ الثِّعَالبِ كشّرَتْ أنيابَها
و بدتْ تَهِزُ ذيولَها الآسادُ
و تقلدَ النُجَباءُ طَوقَ كِلابَهُم
فغدوا عبيداً و الكلابُ أسيادُ
أرْغَتْ خِيُولُ الماجنينَ و أزْبَدَتْ
إذ غاب عندَ نزالها الأندادُ
و تدافعت هِمَمُ الجرائمِ دَيْدَناً
و المجرمونَ إلى المَزيْدِ تنادوا
يستَعْجلونَ على المسيخِ خُروجَهُ
حَيثُ الخُرُوْجُ لهُ الجرائمُ زادُ
فلتَهْدِم الأوطانَ لعنةُ حَرْبُهُم
و الأرضُ تُحرَقُ و الشُعوبُ تُبادُ
تُنصَبُ فوقَ الأبرياءِ و حَوْلَهم
حربٌ تُؤَجِجُ عُنفَها الأحقادُ
تُلقى على الأحياءِ شرُ قنابلُ
في نارِهَا الحمراءِ ألفُ سَوَادُ
تَنْقَضُ فَوقَ النائمينَ بيوتُهُم
حتى تُحالُ مآتِمٌ و حِدادُ
فيها تُبادُ العائلاتُ بأسرِها
الآلُ و الآباءُ و الأولادُ
يا آلَ صُهْيونَ اللئآمَ تريثوا
لن يُثني الإرهابُ ما نعتادُ
ترجونَ منَّا الوِدَ نُبديَهُ و ما
بيني و بين الظالمين ودادُ
إن كان وِدّاً أو يَغُوثَاً حاضرا
فيكم ففينا نوحُ و الأعوادُ
و لقد أتى الطُوْفانُ فاجْتَمعوا لهُ
أضعافَ ما تتضاعَفُ الأعدادُ
و أتت عصى موسى على ملكوتِكُم
فليغرق الأربابُ و العُبّادُ
و أتاكمُ القسَّامُ معشوقاه في
أرض الوغى نصرٌ أو استشهادُ
و القدسُ و الشُهداءُ قد ثأروا و مِنْ
أقطارِنا سيجيهمُ الإمداد
فلتجلبوا بالميجَ و الميركافَ لن
يهتزْ جفنٌ أو يلينْ فؤادُ
و تجحفلوا و تقدموا فجهنمُ
تشتاقُكم و الموتُ و المرصادُ
و أمَامَكمُ في أرضِ غزةِ ماردٌ
في قبضتيه منجلٌ و حصاد
و الدَّمُ أضحى ثورةً تجتاحُكم
مُتنفساها الأرضُ و الميعادُ
و لها بشامِ الفاتحينَ و باليمن
و الرافدينِ الدعمُ و الإسنادُ
لبيكَ يا أقصى و كل دمائنا
فيها لقدسكَ نُصرَةٌ و جِهادُ
جآءَت قذائذفُنا و خلفَ مجيئها
تتهيأُ الأفواجُ و الأفرادُ
لبيك و الفتحُ الكبيرُ تَزفُّهُ
صنعاءُ و ابنةُ عمُّها بَغدادُ
نأتيكَ من هذا الزمانِ بغيرهِ
لا فاسقٌ فيهِ و لا جحَّادُ
لترى البلادُ تحوِّلا و تبدُّلاً
فيها كما تتحركُ الأركادُ
هذه الصفحة “الخاطرة النثرية” مخصّصة للمشاركات والمساهمات الأدبية في موسوعة “غزة كفاح وجراح” الواردة إلى بيت فلسطين للثقافة
https://palfcul.org/?p=11913رابط مختصر