11 February, 2025

واغَوْثاهُ – بقلم عبد الإله بوزين

بعدَ أن كادَ يلتصقُ حلقُهُ مِنَ العطشِ، ولمْ نَجدْ جُرعةَ ماءٍ، حملتُ أبي على كتفي وركضتُ، ليسَ جبناً أو هروباً من أَلسِنَةِ نِيرانِهم، بَلْ لِأُبلغَ العرب بِما فَعَلوهُ بِنا.

صرختُ مِلْءَ حنجرتي: «أَيا عَرَباهْ وَيا أُخَيَّاهْ، ويا إِسْلاماه، أَطْلَقوا عَلَيْنا اللّظَى، أَحْرَقونا، شَرّدونا».

ثُمَ أَزِفْتُ أَتَوغّلُ باتجاهِ سِيناء، فنادَيْتُهم بعُنفٍ: «واغَوْثَاهْ، أَيا مِصْراهُ، ويا أُخَيّاهُ، أَغِيثُونَا، أَعِينُونا، إِنّنا نَحْتَرِقُ»، وما أَتاني الرّدُّ. قَطَعْتُ أميالاً وأميالاً، وَحينَ شَعَرْتُ أَنَّ الْمَوتَ اقْتربَ من أبي أَسْعَفتُهُ بِدِمائي، وأسندتُ جَسَدي عَلى صَخْرةٍ ضَخْمَةٍ وكَتبتُ رسالةً بِنَزَفي” أيُّها العربُ، أمانةً لا تَخونوا غزَّةَ” فجاءَ الرّدُّ من كُلِّ الْأَقْطارِ كَأنَّما طائِرُ الهُدْهدِ رَماهُم بها، إِذْ سمعتُ صوتاً يقولُ: «نَحْنُ لها، بالرُّوحِ بالدَّمِ نَفْديك يا فلسطين».

قلتُ: من أوَّلاً؟

فقالَ المغاربَةُ: «نَحنُ قادمونَ، لَبّيْكِ يا غزَّةُ لبيكَ، بِروحي ودمي نفديك، تَسْقطُ مَوازين وتَحْيا فلسطين».

ثُم قلتُ: ومن آخر؟

فصرخَ المِصريّونَ، نَحنُ لها، تُفْتحُ الحدودُ من أَجلِ فلسطينَ نُحاربُ شعباً وجنوداً.

ثم قلتُ: ومن آخر؟

فجاءَني صَدَى التّصفيقِ مُخْتلِطاً بالدَّبيبِ والنوّاحِ من كلِّ الْأَقْطار:ِ “بالرُّوحِ بالدَّمِ نفديكِ يا فلسطينُ، بالرُّوحِ بالدَّمِ نفديكِ يا فلسطينُ”. لكن متى الوصولُ، فنحنُ على مَشارِفِ الموت؟

رابط مختصر : https://palfcul.org/?p=12264

Font Resize