في ركنٍ صغيرٍ من مستشفًى ميدانيٍّ في غزَّةَ، جلست طفلةٌ فلسطينيَّةٌ صغيرةٌ تُدعى ليلى، تشدُّ بحرارةٍ دميتَها الممرضةَ التي تسمّيها “نور”. كانت نور دميةً مميَّزةً، بملابسَ بيضاءَ صغيرةٍ وقبعةِ ممرِّضةٍ تحملُ شعارَ الهلالِ الأحمر، وكانت ليلى تعتني بها كما لو كانت حقيقية.
في الخارجِ، كانت أصداءُ القصفِ والانفجاراتِ تملأُ الأجواءَ، ورغمَ الخوفِ الذي يسيطرُ على الجميعِ، كانت ليلى تجدُ في نور ملاذًا صغيرًا من الأملِ والطمأنينةِ. والدتُها؛ التي تعمل في المستشفى كطبيبةٍ، كانت تشرحُ لها أهميَّةَ المساعدةِ والرِّعايةِ في مثل هذهِ الأوقاتِ الصَّعبة.
كانت ليلى ترافقُ والدتَها إلى المستشفى كلَّ يومٍ، تراقبُ بصمتٍ وتعلَّمت بسرعةٍ أهميةَ العملِ الذي يقومُ بِهِ الأطباءُ والممرضاتُ. بدأت ليلى في استخدامِ نور لتقديِم “علاجٍ” للجرحى الصغارِ في الخيمةِ المجاورةِ، كانت تبتسمُ لكلِّ طفلٍ وتقولُ: “نور هنا لتساعدك، ستشعر بتحسن قريبًا”.
مرَّتِ الأيَّامُ وليلى مستمرَّةٌ في لعبِ دورِ المُمرِّضةِ الصَّغيرةِ، ومعَ الوقتِ، أصبحَ وجودُها في المستشفى مصدرَ إلهامٍ للكثيرينَ؛ الأطبَّاءُ والممرضاتُ كانوا يرونَ فيها رمزَ الأملِ والإصرارِ، وكثيرونُ منهم بدؤوا يشاركونَها قصصًا عن مرضاهم الصغارِ وكيفَ أنَّهم يتحسَّنونَ بفضلِ “نور” ولمساتِ ليلى الحانية.
في يومٍ منَ الأيَّامِ، قرَّرَ طاقمُ المستشفى تكريمَ ليلى ونور، فقدَّموها كمثالٍ على القوَّةِ والعطفِ في مواجهةِ الأزماتِ، نظَّموا لها حفلًا صغيرًا في المستشفى، حيث قدمت لها والدتُها ميداليةَ شرفٍ، وقالت لها: “ليلى، أنتِ نورُنا الصَّغيرُ، مثلَ دميتِكِ، تجلبينَ النُّورَ والأملَ إلى قلوبِ الجميعِ هنا”.
كبرت ليلى، ومعها كبرَ حلمُها بأن تصبحَ ممرِّضةً أو طبيبةً، استمرَّت في مساعدةِ والدتِها، ودعمت نورها كلَّ من يحتاجُ إلى لمسةٍ منَ الأملِ. وفي قلبِ غزَّةَ الممزَّقِ، كانت ليلى ودميتُها نور رمزًا للتَّحدّي والإصرارِ على الحياة، مهما كانتِ الظُّروفُ قاسيةً.
رابط مختصر: https://palfcul.org/?p=12422