10 December, 2024

كاحلُ العجز – بقلم مريم الراشدي

مغلولَ اليدينِ معصوبَ العينينِ أُساقُ! تصدحُ فيروزُ “سنرجع” بهدوئِها في صدري، وجوليا “وين الملايين” بثوريتِها في أذنيَّ نكايةً في كلِّ أزيزٍ، المرَّةَ تلوَ المرَّةِ تخرُّ قوايَ من جوعي وعطشي وتعبي وقهري وقلَّةِ حيلتي وهواني على النَّاسِ! ويعيدُ قامتي للارتفاعِ وهامتي للانتصاب عودُ مارسيل، يباغتُني درويش بالاشتياقِ لخبزِ وقهوةِ أمّي، أمّا ذاكَ المطرُ فلم يفارقْني ولا فارقَني دفءُ الأرضِ التي تغرقُ في طينِها الليِّنِ رجلايَ، وأحيانًا كثيرةً ركبتايَ الفانيتانِ، وحينًا دونَ سابقِ إنذارٍ يتعثَّرُ جسدي المنحوتُ بجذعِ شجرةٍ مكسورةٍ، تفيضُ الدَّمعةُ حرّى! وأعتزُّ أَنَّ المطرَ باركَها وعانقَها أنفةً حتى لا يلمحَها مغتصبي ووائدُها قبلي. وعندَ جذورِها أشتمُّ أريجَ النُّونِ في الزيتونِ والليمونِ والياسمينِ، حباتٌ وزُهيْراتٌ لا يزيدُني النَّوى والشَّوقُ إليهنَّ إلّا تأججًا، أنهكَ جثماني المسيرُ؛ إلى أين؟!! تلكَ اليدُ الصَّغيرةُ في مخيِّلتي، والتي تدفئُ معصميَ المصفَّدَ؛ ترمي بي بينَ أحضانٍ ذاتَ ربيعٍ.. نجري ونضحكُ ضحكَ طفلينِ معًا.. ما عادَ حتّى ظلُّنا!! أهربُ من قلبي؛ إلى أين؟! ليالينا المبهجةُ في كلِّ مكانٍ، لطالما ملأناها حبًّا وأملًا، وانتظرنا فجرًا قرنًا من القصائد إلّا نيفًا وما استطاعَ أن يرفعَ خيطَهُ! ندى جبين الشعر، حشرجَ الصَّدرُ والتوى كاحلُ العجزِ. فإلى أين؟!!

رابط مختصر:https://palfcul.org/?p=14318

Font Resize