تفرُّ مني الكلماتً على غيرِ المألوف! وتهربُ الحروفُ من قلمي، وتكادُ الأفكارُ تهجرُ ذهني هجرًا. حالةٌ من القحطِ والجفافِ، وأيَّامٌ عجافٌ خاصمَني فيها القلمُ والقرطاسُ وشمتا في هذهِ الأيام. فما عادت قريحتي تدرُّ أفكارًا تشعرُني بالنشوةِ؛ أرتشفُ منها جرعاتِ أملٍ، وحبٍّ، وفرحٍ! ما عادت حروفي تتراقصُ حولي؛ وتشجيني، وما عادَ وقعُها في نفسي يطربُني، أبحثُ عنها بينَ دفاتري، فلا أجدُ لها أثرًا! وينهرني قلمي الجافُّ أنِ اخجلي! أهذا وقتٌ للكتابةِ عن الحبِّ؟ وقلوبُ أطفالِنا وشيوخِنا والأراملُ والثكالى تتقطَّعُ أشلاءً في كلِّ مكان، ومن سيقرأُ حروفَكِ الخرساءَ كصرخةٍ في وادٍ غيرِ ذي زرعٍ، من ستشجيهِ كلماتُكِ وحدادٌ يسودُ القلوبَ والنَّفوسَ؟
وعبثًا… أحاولُ أن أكتبَ عنِ المرابطينَ الصَّامدينَ على الحدودِ دروعًا بشريَّةً تصدُّ عنّا العدا، فتتجمَّدُ أناملي، وتتعطَّلُ لغةُ الكلام في حلقي، وينتابُني ألمٌ ما بعدَهُ ألمٌ! حينَ تُصاغُ الحروفُ على دفتري بدماءِ الاطفالِ، وتتداخلُ الكلماتُ كصرخاتٍ بشريَّةٍ، ويشتدُّ بي الوجعُ فأحاولُ محوَ ما كتبت، فإذا بكفّيَّ تتلطخانِ بالدَّمِ، فأصيحُ لا أقدرُ على كتابةِ وجعي! لا أقدرُ على كتابةِ وجعي بدمِ جرحي! وأسرعُ لمحوِ ما كتبتُ بالكوفيَّةِ التي على كتفي، فتختفي كلُّ الحروفِ وتبقى كلمةٌ أجملُ من كلِّ الكلماتِ.. ف ل س ط ي ن. حبّي.
رابط مختصر: https://palfcul.org/?p=12311