غزَّةُ لن تموتَ، وأهلُها سوفَ يُبعثونَ من جديدٍ من تحتِ الرَّمادِ وهم أكثرُ صلابةً وقوَّةً، وسوفَ ينهضونَ كالماردِ الذي لا يُقهَرُ، وسوف يظلُّونَ كما هم دائمًا سدًّا منيعًا في طريقِ المتغطرسينَ بقوَّتِهم الهشَّةِ التي لا تسندُها قوَّةُ الحقِّ، ولا تأييدَ لها من اللهِ الخالقِ العظيمِ العادلِ الذي لا يرضى الظُّلمَ لعبادِهِ، ولكنَّهُ يبتليهم ليرى صبرَهم وصمودَهم وتحمُّلَهم وتمسُّكَهم بحقِّهم في أرضِهم، ومن ماتَ دفاعًا عن أرضِهِ فهوَ شهيدٌ وهوَ الموعودً بالخلودِ في الجنَّةِ ورفاهيةٍ لا تنتهي هناكَ في حياةِ الرَّغدِ والرَّاحةِ والسَّلام. بعدَ أن يكونَ قد دفعَ ثمنَ ذلكَ هنا في الحياةِ الدُّنيا ضدَّ أهلِ الخرابِ والدمارِ والحقدِ والكراهيةِ وشهوةِ الدَّمِ والقتلِ والتَّدميرِ إنَّهم يأسرونَ ويقتلونَ لمجرَّدِ الاشتباهِ، ودونَ محاكمةٍ في الشَّوارعِ والطُّرقاتِ وعندَ الحواجزِ الأمنيَّةِ وعلى أبوابِ المعابرِ، ويُرضعونَ أطفالَهم الكراهيةَ البغيضة.
لقد قدِمُوا من شتّى أصقاعِ الأرضِ ليحتلُّوا أرضًا ليست لهم، ويقتلوا أهلَها أو يطردوهم إلى مخيَّماتِ الشَّتات! غزَّةُ سوف تنتصرُ؛ وأهلُها سوف يبقونَ صامدينَ ضدَّ التَّهجيرِ كما الجبالُ الشَّاهقةُ التي لا تهزُّها ريحُ التَّخاذلِ والجبنِ والخوفِ، ولا صواريخُ وقنابلُ الأعداءِ وأسلحتُهم المحرمة.
سقطت أقنعةُ دعاةِ الديمقراطيةِ وحقوقِ الإنسانِ والمساواةِ والسَّلامِ؛ حينَ غضُّوا الطَّرفَ عن حقوقِ البشرِ الأسوياءِ الأنقياءِ في غزَّةَ، وانحازوا إلى قتلةِ الأطفالِ والنساءِ والرجالِ وسرَّاقِ الأرضِ وبناةِ المستوطنات غير الشَّرعية.
لكنَّ غزَّةَ لن تموتَ؛ وأهلُها لن ينكسروا، وكلَّما استُشْهِدَ أحدُهم وُلِدَ غيرُهُ، الآلافُ من المقاتلينَ الذين يتربونَ على المثلِ والأخلاقِ والشَّجاعةِ والمروءةِ والكرامةِ والنُّبلِ الذي يجعلُهم يستأذنونَ في أكلِ حبَّةِ موزٍ وشربةِ ماءٍ من بيتِ أحدِ الأعداءِ وهذا ما شهدَ بِهِ الأعداءُ أنفسهم.
هؤلاء النُّبلاءُ تحاشوا إلحاقَ الأذى بالأطفالِ والنساءِ وكبارِ السِّنِّ، وكانَ هؤلاءَ الأبطالُ الشُّرفاءُ في حالةٍ من النَّشوى؛ نشوةِ الظَّفَرِ والنَّصرِ، ومع ذلكَ التزموا بقوانينِ الحربِ، وبتعاليمِ عقيدتِهم التي تمنعُ إلحاقَ الأذى بالنَّاسِ الضُّعفاءِ، وإن كانوا من الأعداء، مع العلم أنَّ جلَّ الأعداءِ هنا كانوا مقاتلينَ ومعتدينَ ومغتصبينَ للأرضِ، وجنودًا وجنودَ احتياطٍ ويعتدونَ يوميًّا على الأبرياءِ أصحابِ هذهِ الأرضِ المغتصبة، والنَّصرُ سوفَ يكونُ في النِّهايةِ لغزَّةَ وأهلِها! هكذا يخبرُنا التَّاريخُ أنَّ كلَّ الغزاةِ يرحلونَ أخيرًا طالَ الزَّمنُ أم قصر.
غزَّةُ لن تنكسرَ ولن تموتَ، وأهلُها باقونَ فيها إلى قيامِ السَّاعةِ… غزَّةُ لن تُهزَمَ ولن تركعَ لغيرِ الله، وإنَّ الذي سوف ينهزمُ هو الظالمُ المجرمُ المحتلُّ المعتدي، والذي يسكنُ في بيتٍ أوهنَ من بيتِ العنكبوت.
هذهِ عدالةُ اللهِ ووعدُهُ لعبادِهِ والنَّصرُ صارَ قابَ قوسينِ أو أدنى. وغزَّةُ لن تموت!
رابط مختصر: https://palfcul.org/?p=12185