24 March, 2025

حتّى مشاعرُنا تخذلُهم!!! – بقلم عزا لعرب سلمان

نحاولُ ألّا نعتادَ المشهدَ، نحاولُ أن نُبقي قلوبَنا حيّةً تنبضُ، نحاولُ فلا نستطيعُ.

يرى أحدُنا مقطعَ فيديو لجثثٍ وجرحى؛ بعضُهم ما فيهِ إلّا بعضُ جسدٍ، وفي زاويةٍ أخرى عويلٌ على فقيدٍ، وناجٍ يبكي نجاتَهُ فلم يبقَ إلّا هوَ وأهلُهُ كلُّهم شهداءُ.

ينتهي الفيديو، نغفلُ، فنُلقي نكتةً على جلسائِنا، يضحكُ هذا ويضحكُ ذاك.

نعيشُ حياتَنا؛ وكأنَّ ما جرى ويجري في غزَّةَ قصَّةٌ عن مجزرةٍ من مجازرِ التَّاريخِ التي نقرأُ ونسمعُ عنها، فنترحَّمُ على شهدائِها ونتعجَّبُ من أعدادِ القتلى فيها، ويؤلمُنا بطشُ الظَّلمةِ، وتُعتَصرُ قلوبُنا شفقةً على قلَّةِ حيلةِ المظلومِ، وجبروتِ الظَّالمِ، ثمَّ نعودُ لحياتِنا من جديدٍ!

كلٌّ ينادي على ليلاهُ، هذا يحدِّثُكَ عن طموحاتِهِ وأحلامِهِ، وهذا عن رغبتِهِ في الزَّواجِ وذاكَ يُخبرُكَ عن أفكارِهِ، وهذا يشكو حالَهُ وقلَّةَ مالِهِ، والآخرُ يتذمَّرُ من مرضٍ أعياهُ، ومن أولادٍ قد شقَّت عليهِ إعالتُهم، وهذا يخوضُ وهذا يخوضُ.

نحزنُ ونفرحُ، نبكي ونضحكُ، نيأسُ ونأملُ، نكتئبُ ونتفاءلُ، ثمَّ نرى مشاهدَ أخرى وقد ألفتْها عيُونُنا، وعميتْ عنها قلوبُنا.

 ثمَّ ندركُ أنَّنا نخذلُهم باختلاطِ مشاعرِنا تلكَ التي نُمضي بها أيامَنا بمشاعرِ قولِ النَّبيِّ ﷺ «ترى المؤمنينَ في توادِّهم وتراحمِهم وتعاطفِهم كمثلِ الجسدِ الواحدِ إذا اشتكى منهُ عضوٌ تداعى لهُ سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمّى» فأينَ السَّهرُ والحمّى؟ ونحنُ لا نشعرُ بهم إلّا أطرافاً من نهارٍ وقد بردتْ مشاعرُنا وخمدتْ نيرانُ قلوبِنا!

والحمدُ للهِ أنَّ الألسنةَ ما زالت تلهجُ “حسبُنا اللهُ ونعمَ الوكيلُ”!!

خبِّروني باللهِ عليكم كيفَ السَّبيلُ إلى مشاعرَ لا تخذلُهم؟!

رابط مختصر :https://palfcul.org/?p=12825

Font Resize