11 February, 2025

حتميَّةُ العَودة – بقلم براء الخطيب

أذكرُ جيّدًا يومَ أن ابتلعتْنا نارُ الغارةِ؛ وهيَ تهطلُ علينا كمفاجأةِ العُمرِ الأخيرة!

لقد ارتعدنا ليلتها كأننا في مشهدنا منالقيامة.

اصطفَّ جمعُنا تحتَ الأنقاض نتلفظُ دندنةَ الوداعِ.

قطعنا علينا المشهدنشيج أختي، بكاؤها يقول: لا أريدأن أموتموتخنقا!

لم تحلمْ أختي يومًا أن يكونَ قبرُها هو رُكامُ بيتِنا!

لقد غدت تَرسمُ أحلامَها النهديةَ على جدارياتِ غُرفتِها، حتَّى طاولةُ الطعامِ لم تسلمْ من بعثرةِ خيالِها الورديّ.

كيفَ أخبرُها أنَّ الطاولةَ التي تحمي رأسَها من الحجارةِ هيَ نفسُها التي لوَّنتْها بألوانِ الدَّهشةِ؟!

يطعنُني ذلك المشهدُ الحازمُ؛ وأنا أتكوَّمُ بعدَ عامٍ تحتَ غطاءِ الخيمةِ التي قضت على ما تبقّى من حُلمٍ لنا!

أختي اللطيفةُ التي تمتلكُ ضحكةً مجنونةً وسطَ نكبتِنا التي شهدتها سماءُ الله، لم تيأس يومًا! إنها تذكِّرُنا بالعودةِ للديارِ يومًا رغمَ وحشتِها.

أمي التي لا تكب ملامحها كما يقولونها لها! لقد بدت أكثرصلابةوعنادا بالعودةرغمأنا آسينا وبشاعة حياتنا في خيمة!

تركَنا أبي الجميلُ في مدينتِنا الأصلية! ودّعناهُ وداعًا يليقُ بجمعِنا! على أملِ اللقاءِ يومًا حينَ تنتهي ضراوةُ الموتِ التي سالت علينا على غيرِ عادة!

قال لي يومَها: شبيهي الصغير! هُم في رعاية اللهِ قبلك، لا تُلقِهم على هامشِ الحياة! كُن لهم الحصنَ المتينَ إلى يومِ اللقاء.

أن نلتقي على شرافاتشارعنا ومعنا سلال ورد، منفذا لوعدي أن أكبيتي ليراني بها كما يحب.

اقتربتِ الذِّكرى أكثرَ وأكثرَ وهانتِ اللُقيا.

رابط مختصر :https://palfcul.org/?p=14211

Font Resize