9 February, 2025

الموت البطيء – بقلم نسيم محمد علي

تخيَّلْ أنَّ هذا ابنكَ قطعةٌ من روحِكَ، وكلُّ ما تبقّى لكَ من دنياكَ المسروقةِ، تشاهدُ الموتَ يسرقُهُ منكَ ببطءٍ شديدٍ، يتلوّى من جورِ الألمِ أمامَ عينيك، تعتصرُ فؤادَكَ أوجاعُهُ الضَّاربة، ويصيبُ قلبَكَ الكمدُ، وجسدَكَ الكسادُ، حجمُ الشعورِ بالعجزِ الذي سيختلجُ وجدانَكَ، وكميةُ الوجعِ الذي سيصيبُكَ حينَها، يا الله، واللهِ لو رأيتَهُ ميتًا أمامَكَ مرَّةً واحدةً؛ لكانَ الأمرُ أهونَ عليك، ولخفَّ مصابُكَ لو ماتَ قصفًا أو تقطَّعت أشلاؤهُ؛ لكانَ أهونَ من أن يتقطَّعَ قلبُكَ عليه كلَّ ساعةٍ وثانيةٍ، أن تكتوي بنارِ عجزِكِ، وتموتَ بِهِ كلَّ يومٍ قبلَهُ وأنتَ تعلمُ بأنَّهُ سيموتُ قريبًا لا محالة، يا الله أيُّ إرثٍ سترثُهُ منهُ، كلُّ لقمةٍ ستضعُها في بطنِكِ كلَّ يومٍ في المستقبلِ ستكونُ كالسُّمِّ الذي سيجعلُكَ تتلوّى من الألمِ وأنتَ تتذكَّرُ بأنَّهُ ماتَ جوعًا، وتركَكَ جائعًا لَهُ إلى الأبدِ، تشتهي أن تحضنَهُ، وتشمَّ رائحتَهُ بأنفِكِ، أيُّ وجعٍ هذا وأيُّ مُصاب؟

بل أيُّ جريمةٍ هذهِ تُرتَكبُ، إنَّهُ أبشعُ أنواعِ القتلِ والتنكيلِ، قتلٌ للطفلِ، وقتلٌ لأسرتِهِ وهم على قيدِ الحياةِ، علَّمَنا دينُنا الإسلاميُّ أن نحدَّ شفرتَنا ونريحَ ذبيحتَنا، تخيَّلْ حيوانٌ ويوصينا الدِّينُ ألّا نعذبَهُ وقتَ الذَّبحِ، وأن نستخدمَ أداةً حادةً كي يموتَ بسهولةٍ، بل إن الرسولَ صلى الله عليه وسلم أوصانا ألّا نريَهِ آلةَ الذَّبحِ، وألّا نحدَّها أمامَهُ كي لا نخيفَهُ، وهذا إنسانٌ!! بل طفلٌ لم يعرفْ معنى الإنسانيةِ بعدُ، لم يأخذْ نفسًا كافيًا فيها، ويُقتَلُ بهذهِ الطريقةِ البشعةِ، أيُّ عارٍ هذا الذي أصابَكم يا عرب؟

بل أيُّ سلعةٍ ستُقابلونَ اللهَ بها؟

هذهِ الجرائمُ البشعةُ؛ لن يُحاكَمَ عليها كافرٌ يومَ القيامةِ؛ لأنَّهُ سينالُ جزاءَهُ في الدينِ، وهذهِ عدالةُ اللهِ، يومَ القيامةِ سيُحاكَمُ عليها كلُّ مسلمٍ سمحَ للعجزِ أن يحاوطَ معصمَهُ، تشكو التخمةُ بطنَهُ بينَما صوتُ أمعاءِ أطفالِ غزَّةَ يصلُ إليهِ، أموالُهُ تتكدَّسُ في البنوكِ وإخوانُهُ لا يجدونَ ما يسدُّونَ بِهِ رمقَهم.”

رابط مختصر:https://palfcul.org/?p=12978

Font Resize