أم أنها عيناي من بدأت تخون..!
أعاثوا فيك الخراب مدينتي..
أم أنهم آثروا فيك الحطام..؟
أزرعوا فيك جل آفات الدمار مدينتي
وحصدوا فيك حبات السكوت .. لتصمتي..
مدينتي.. وموطن الأنا التي سكنت أناي
أنا الطفل.. الذي وقف على أطراف جرحك المثخن..
أنا الكهل.. الذي انتظر القدر المغلف بالموت، تحت أسقف المنازل..
أنا الأب.. الذي لم يسطع حمل جل عائلته ويعدوا بهم، هروباً من قبضة الموت، التي تشكلت بقذيفةٍ لم يعلم لها وجهه ..
أنا الأم.. التي لم يكن لصراخها بُد،
وهي تنعي جل أطفالها التي لم تعرف صغيرهم من كبيرهم،
وقد اختلطت أشلاؤهم مع بعضها البعض.!
أنا الأخ .. الذي لم يبقَ له سوى الأسماء والصفات التي لا تنجلي عن ذاكرته
أنا الأخت.. التي لم تتوقف دموعها البتة، وهي ترتل عبارات الحزن ترنيمة تلو أخرى ..!!
مدينتي..
أنا الأشلاء المبعثرة
أنا الدماء المسفوكة
أنا المنازل المحطمة
والأسقف المنهارة
أنا الجرح الذي لن يندمل
وأنا النزف الذي لا يُحتمل
وأنا الألم الذي لا ينفك أن يكتمل
مدينتي..
سلامٌ على حطامك، وحبات الرمل التي تلوثت بباروود القصف..!
سلامٌ على قمم وهامات المنازل فيك تلامس قنابل الهدم واحدة تلو أخرى
سلامٌ على جدرانك المهشمة
سلامٌ على المساجد الراكعة والمآذن الساجدة..!!
مدينتي ..
السلام عليك بقدر الدمار الذي سَلب منا السلام
ولا سلاماً على من أضاع منك السلام
وبئس السلام الذي زرعه الصامتون ليُنتزَع منا السلام ..
وسلاماً عليك يا مدينة السلام (غزة)
رابط مختصر: https://palfcul.org/?p=12343