هل فكَّرتَ يومًا ماذا يعني أن تكونَ فلسطينيًّا؟؟
دعكَ من الوقوعِ في فخِّ السَّوداويَّةِ التي يحاولُ الأعداءُ حصرَها فقط في مخيِّلتِنا.. لكنَّ الحقيقةَ هيَ أنَّكَ ستصبحُ تربةً خصبةً؛ تزهرُ أينَما حللتَ، لكنَّكَ ستخبِّئُ أجملَ الورودِ في قدسِكَ الشَّريف.
أن تكونَ فلسطينيًّا؛ يعني أنَّكَ تملكُ في عروقِكَ زيتَ شجرةٍ مباركةٍ يكادُ يضيءُ العالمَ كلَّهُ، كيفَ لا وقد شبَّهَ خالقُ الأنوارِ والظَّلامِ قبسَ نورِهِ بمشكاةٍ وقودُها عصيرُ الزَّيتونِ، وأيُّ رحمٍ هيَ أقدمُ من فلسطينَ في حملِ بذورِها وتصديرِ نورِها؟
أن تكونَ فلسطينيًّا؛ يعني أنَّكَ ستصبحُ شجرةَ برتقالٍ مهيبةً تدنو على المستضعفينَ، ليستظلُّوا تحتَ أوراقِكَ الوارفةِ، وتصبحَ مزارًا ممتعًا للأطفالِ، يتسلَّقونَ على ذراعيكِ دونَ شكوى، وتنقشُ في قلوبِهم أجملَ ذكرياتِ الصِّبا.. فأمَّا عن ثمارِ البرتقالِ فهي تنبتُ في قلبِكَ أنتَ؛ لتطعمَ بها كلَّ جائعٍ وحزينٍ، تسألُني عن مصدرِ بذورِها وأقولُ لكَ: إنَّها منثورةٌ على أعينِ الصِّغارِ الواعدةِ مهما كانت ألوانُها.
أن تكونَ فلسطينيَّا؛ يعني أن تقاتلَ وتقاومَ حيًّا وميتًا، تقولُ لي كيف؟ أحدِّثُكَ عنِ الأحياءِ الرَّابضينَ تحتَ الأنقاض، الذينَ لديهم من رصيدِ البسالةِ ما لا تكفي حياةٌ واحدةٌ لصرفِها كاملة، فقد استطاعوا بطريقةٍ ما أن يتحالفوا معَ مَنْ كنَّا نراهم أضعفَ مخلوقاتِ اللهِ؛ ليفتكوا بمن تبقّى منَ الأعداءِ، ويطهِّروا الأرضَ من أنجاسها.
أن تكونَ فلسطينيًّا؛ يعني أن يصبحَ جارُكَ ومعلِّمُكَ في الابتدائيَّةِ “مصطفى مراد الدباغ”، وأمَّا حصصُ الرَّسمِ فستكونُ من نصيبِ “ناجي العلي”، وعندما تكبرُ وتدخلُ الجامعةَ سيصبحُ دكتورُكَ “إبراهيم العدوي”، وقد تصلُ بكَ القرابةُ من ثلاثِ جهاتٍ على الأقلِّ ب “عبد الحميد شومان”، أمَّا إن سألَكَ أحدٌ عن كاتبِكَ المفضَّلِ فستجيبُ “غسان كنفاني” ولن تستطيعَ تذوُّقَ الشِّعرِ إلّا عندَما يكونُ شاعرَهُ “محمود درويش”، أمَّا الرَّجلُ الذي تثقُ بأخبارِهِ فهوَ “جبلُ غزَّةَ” بلا منازعٍ، وصديقُكَ المقرَّبُ سيصبحُ “صالح الجعفراوي”، جارتُكَ ستصبحُ والدةُ صديقة “إسراء جعابيص”، أما ابنُ أختِكَ المشاكسُ فسيظلُّ يتحدَّثُ عن زميلِهِ في الصَّفِّ الملقَّبِ ب “نيوتن غزَّة” وعبقريَّتِهِ الفريدةِ.. وأمَّا في مجالسِ الشبابِ سيتحدثونَ عن “عبد الله البرغوثي” ليطيبَ الحديثُ بذكرِ مكارمِ الرِّجالِ، ولن تستطيعَ أبدًا أن تنسى نسيبة هذا العصرِ وهيَ “أميرة العسولي” وأنتَ تعرفُ تمامًا لماذا سُمِّيَت بذلك.
أراكَ تستفسرُ عن الجوازِ الفلسطينيّ؟ يا صديقُ: من وجهةِ نظري -على الأقل- أن تكونَ فلسطينيًّا يعني أن تكون مسلمًا كما أرادَنا اللهُ أن نكونَ، وكما كانَ إبراهيمُ نفسُهُ يريدُ لأمَّتِهِ أن يكونوا حنفاءَ مسلمينَ وما كانوا من المشركين، هل نستغربُ عن تلكَ الأقاويلِ التي تقولُ إنَّهُ كانَ فلسطينيًّا أصلًا؟!.
في النِّهايةِ يا صديقُ: أن تكونَ فلسطينيًّا؛ هيَ دعوةٌ عامَّةٌ لجميعِ من يريدُ أن يكونَ حرًّا في هذا العالم، لكنَّ الحقيقةَ المُخزيةَ أنَّ القليلَ فقط من يستجيبُ لذلك!
رابط مختصر:https://palfcul.org/?p=12155