الحياة خلود – خاطرة نثرية بقلم رفاه مهندس مشاركة ضمن موسوعة “غزة كفاح وجراح”
الحياة خلود
-وماله ابن عمتي
-لا تسأليني. روحي اسألي جدتك.
-كل ما أسألك يا أمي تتهربين من جوابي؟
-تربى في داره وما طلع مثل خاله.
أفهمت؟؟
– لكن أنا بعزّه كتير.
– اللي ما بيعزّ دينه ما بعزّه ولا بتعزّيه حتى ولو كان أباك أو أخاك
– شو شفت على ابن عمتي ؟؟ كله علشان هو لاي حب الدم.. مش كفاية عليه راح أبوه وهو ها لقد صغيرون.
– مين روّح أباه؟ ومين روح جده وعمه؟ مو الواجب يعرف عدوه. صمتت فاطمة فجأة، ولكن ما بداخلها لم يهدأ ولم بصمت، بل كان كالبركان الثائر يصطخب اصطخاباً هائلاً تتناثر فيه الصور وتتداعى المسميات وهي تشفق على قلبها الواهن لأنها تحب الحياة وتنتظر أفراح الحياة ككل وردة تستهلّ الصباح ظمأى إلى لهفاته ولوعةً بأندائه.
– لم تمهل الحمم المترامية من قذائف طائرات العدو حلمها الجميل، بل انقضّت فجأة على أكثر الدار وبينما كان الصراخ من هول المفاجأة يعلوه التكبير والاستغاثات بالله العلي الكبير، كانت تتفقد أمها وجدتها وإخوتها وقد استوثقت حجابها بعدما أوشك بيتها على الانكشاف كجزء من المأساة.. يا للمرارة الدامية عن أية حياة أحدث نفسي؟ وتتوق روحي إلى صباحاتها وأندائها؟ ولم تدر عن نفسها إلا وهي تهدهد أختها، وتسكت أخاها، وتداري أوجاع جدتها، ولتصلح مع أمها ما أمكن من جدران البيت وأرضه قبل أن يخرج عن الخدمة بشكل كامل.
– لم تمض أيام حتى غيرت جدتها وجهةَ الحديث عن ابن العمة، وكذلك أمها، وصارت آيات الدعاء تتنزّل عليه وتخصه بعدما آثرت أن لا يشغل من نفسها نفَساً، لكنها لم تعبأ بالأمر وهان في عينها كل ما يذكرها بالتمسك بأهداب الحياة.
– لكنه اليوم غير الأمس
– وقد تهامس الأهل بينهم بفرح:
– ما ضاع الحليب فيه
– الأصيل رجع لأصله والخائن تدوسه الأقدام
– إذا الولد بار ثلثينه للخال. ومو أي أي خال خالك، يارب تثبته.
– لقد فهمت الآن كل الحكاية وفرحاً عجيباً وأملاً جديداً قد ولدا للتو.
– لم ينم معها حلمها
– إذ هرع الشباب بجثته يحملونها
– ابن عمتك يا فاطمة صدق الله فصدقه الله ولبى النداء وصار الى حياة الخلود.
الرابط المختصر: https://palfcul.org/?p=9214