في البدءِ كانَ النَّايُ وجهَ جداولِ
وضبابُ هذا العصرِ خبزُ بلابلِ
خانوا البلادَ وعكَّروا غُدْرانَها
ذبحوا زهورَ حياتِها بمناجلِ
وصفاءُ صبحٍ مزَّقتْهُ قنابلٌ
ودخانُ حقدٍ طافَ فوقَ منازلِ
ومحتْ ملامحَ ذكرياتيَ كلِّها
وتعطّلتْ لغةُ الحياةِ بداخلِي
سرقوا منَ الأشجارِ خُضرتَها وما
تركوا سوى خُفّيْ حُنَينَ الذّاهلِ
رسموا على وجهِ المرايا حزنَنا
زمنُ الأسى يحكيهِ نعشُ الرَّاحلِ
وطنٌ تثاقل خَطوُهُ وكأنَّهُ
سيزيفُ يشربُ يأسَهُ بتثاقلِ
هذي رحى الأيَّامِ تطحنُ حُلمَنا
والحُلمُ يأبى أن تُزَالَ خمائلي
اليومَ جئنا لا جِراحَ تهزُّنا
نسمو على جرحٍ قديمٍ قاتلِ
نغدو إلى السَّاحاتِ يجمعُ شملَنا
وطنٌ تعاظمَ صبرُهُ في “وائلِ”
تنقضُّ عنقاءُ الرَّمادِ بأرضِنا
لتزيحَ عنَّا المستحيلَ بكابلِ
الأحمرُ الثَّوريُّ يُعلنُ فجرَهُ
كي تُعشبَ اللوحاتُ فوقَ أناملِي
ومآذنُ الفتحِ القريبِ تحثُّنا:
أنَّ السَّنابلَ في عيونِ مناضلِ
تشرينُ غزَّةَ قادمٌ بقداسةٍ
أبناؤُهُ يتلونَهُ بمشاعلِ
هذي نبوءةُ ثائرٍ يستنطقُ
الغضبَ الأنيقَ بوجهِ قشٍّ زائلِ
شعبٌ من النُّورِ السَّماويِّ النَّبيلِ
فهلْ ترى لشعاعِهِ من حائلِ
جاؤوا إلى هذي البلادِ لأنَّهم
ينوونَ تأويلَ الرُّؤى للغافلِ
كسروا جدارَ المستحيلِ ومزَّقوا
أستارَ أزمنةِ الجفافِ القاحلِ
نصبوا غدَ الوطنِ المهدَّدِ بالأسى
وتطهَّرتْ ساحاتُنا من سافلِ
أدَّوا بملءِ يدٍ مناسكَ ثورةٍ
فالأرضُ لا تحيا بغيرِ مقاتلِ
رابط مختصر: https://palfcul.org/?p=12547