من شرفة الغيب – قصيدة للشاعر سعيـد عبيـد مشاركة ضمن موسوعة “غزة كفاح وجراح”
مِنْ شُرفةِ الغَيبِ والناموسُ مفتـوحُ أطلَّ في بُردةٍ مِن دهشةٍ نُـوحُ
أطلَّ، كانتْ صواري فُلْكِهِ نَفَسًا يَعلُو ويَهوِي كمَا تَهْوَى الأراجِيـحُ
مِنْ أيِّ تَنُّور نُورٍ فاضَ مُنهمـرًا هذا الضِّياءُ فجفنُ الليلِ مَقـروحُ؟
ألمْ تكُنْ أقسمتْ بالدَّجْنِ حُلكتُـهُ ألَّا صباحَ وضَوْءُ الشَّمسِ مسفـوحُ؟
أُفْقُ انتظارِ يَمينِ الليلِ كاهنـةٌ عَمياءُ، والسَّجعُ أسمارٌ صَحاصيـحُ
فأحرِقوا أيها الأحبارُ حُلمَكـمُ لا حُلمَ والصُّبحَ، رُوحوا بالقَذى رُوحوا
هذي بلادٌ إذا اشتدَّتْ بِها سَنـةٌ سوداءُ حُلكتُها للرُّوحِ تبريـحُ
صلَّتْ صلاةً ووجهُ النُّور قِبلتُهـا قُربانُها غزَّةٌ، والقُدسُ تسبيـحُ
وعِندَ أسوارِ عكَّا انشقَّ لؤلؤُهـا وأشرقتْ منهُ في يافا التراويـحُ
ففاضَ في الحينِ فيْضُ الأرضِ، واتسعـتْ عَيْنا السماءِ، وهل كالنُّورِ تصحيـحُ؟
وحينما اعتنقَ الفيضانِ وائتلقَـا وضخَّ مَوْجَهما كالثَّورةِ الرِّيـحُ
وجاءَ سَيلُهما سُلطانَ معركـةٍ مُظفَّرًا صدرُهُ بالفتحِ مشـروحُ
صِرْنا بِسِفرِ قصيدِ النُّورِ مَلحمـةً الشمسُ قافيةٌ، والبدرُ توشيـحُ
صِرْنا بِسِفرِ قصيدِ النُّورِ مَلحمـةً تُتلَى بِعَينِ الرَّدَى، والموتُ مَرجـوحُ
إنْ كان خَلَّدَ هوميروسَ مَشربُـهُ عَيْنُ الخيالِ… مَجازُ الشعرِ مسمـوحُ
فإنما خُلدُنا نبعُ البطولةِ مِـنْ عَينِ الحقيقةِ راحٌ راحُها الـرُّوحُ
إنا لنوقدُ مِن مُهْلِ اللظى مُهَجًـا فتيلُها في دمِ الثُّوَّار مطـروحُ
ونَلبَسُ النَّارَ دِرْعًا، واللهيـبَ رِدا وجَمْرَها لَأْمَةً والزَّندُ مقـدوحُ
ونمتطي غَيْظَها حتى تَئِجَّ بنَـا لا الأَجُّ مُنطفئٌ، لا الغيظُ مكبـوحُ
ونُشهِرُ البرقَ سيفًا حَدُّ مَشْرقِـهِ في مَغربِ الكوْنِ تَرويهِ الأصاحيـحُ
ونَركَبُ الوَعْرَ في وجهِ الدُّجَى سُفُنًـا عنادلُ الشُّهَدا فيها المصابيـحُ
لِنغسلَ الأرضَ مِنْ أدرانِ حُلكتِهـا بالصُّبحِ، إنَّ غسيلَ الصُّبحِ ممـدوحُ
فكيفَ لا يرتضينا الخُلدُ خاتمـةً وأجْوَدُ الخَتْمِ في الحُبِّ التواشيـحُ؟
يا أهلَ أكنافِ بيتِ القُدسِ عَفوَكـمُ شِعْري بِحَضرتِكُمْ كالعَجزِ مَبحُــوحُ
قد حَيَّرَ المنتهَى في الخُلدِ سِرُّكُـمُ بُوحوا بِسِرِّكمُ للمنتهَى… بُوحُـوا
جُوديُّ نُوحٍ على تلكَ الرُّبَى، فإلـى أيِّ الرُّبَى موجُكمْ تَعلُو بهِ الرِّيـحُ؟!
الرابط المختصر: https://palfcul.org/?p=9705