من أيِّ جرحٍ – قصيدة للشاعر محمد المطري مشاركة ضمن موسوعة “غزة كفاح وجراح”
من أيِّ جرحٍ فوقَ غزَّةَ أنزفُ
وبأيِّ دمعٍ بالمآسي أذرفُ
من أيِّ قلبٍ ثائرٍ متوقِّدٍ
وبأيِّ ثغرٍ أو لسانٍ أهتفُ
في أيِّ طرسٍ واليراعُ محطَّمٌ
تُروى الجراحُ وتستقيمُ الأحرفُ
صورُ المآسي بالمآسي أُثقِلت
والحزنُ فيها لا يُقاس ويُوصفُ
ماذا نضمِّدُ والبلادُ جميعُها
جرحٌ كبيرٌ بالتَّخاذلِ ينزفُ
صمتٌ على صمتٍ وذلٌّ ظاهرٌ
وهناكَ بغيٌ سافرٌ وتعجرفُ
أرأيتَ غزَّةَ والظَّلامُ يلفُّها
وديارُها فجراً تُباحُ وتُقصَفُ
أسمعتَ أصواتَ النَّوائحٍ حولَها
وبكلِّ بيتٍ للنَّواعي ملحفُ
وهنا بقايا طفلةٍ قد مُزِّقتْ
وهناكَ أخرى غابَ عنها المسعفُ
أمَّاهُ.. صاحت أينَ أمّي يا أبي
وجراحُها فوقَ المنيَّةِ تزحفُ
فأجابَها صمتاً يواري زفرةً
والدَّمعُ يهملُ لا يكادُ يُكفكَفُ
ستراكِ أمُّكِ في المساءِ عروسةً
وهناكَ دارٌ للخلودِ ورفرفُ
أرأيتِ أشباهَ الرِّجالِ كأنَّهم
غنمٌ هزالٌ سائماتٌ عُجَّفُ
أرأيتِ أمواتَ القلوبِ.. حياتُهم
في ظلِّ راقصةٍ وأخرى تعزفُ
لم يغضبوا باسمِ العروبةِ مرَّةً
أو يحزنوا لمصابِنا أو يأسفوا
لم يحفظوا باسمِ الدِّماءِ دماءَنا
كلّا ولم يتمعَّروا أو يأنفوا
أغضوا عنِ القتلِ المريعِ عيونَهم
وبدوا كأنَّ عيونَهم لا تطرفُ
قعدوا عنِ الشَّرفِ الرَّفيعِ وما لهم
يوماً على ساحِ الرُّجولةِ موقفُ
وأدوا الكرامةَ لليهودِ تقرُّباً
وبكلِّ ألوانِ الهوانِ تزلَّفوا
يا أهلَ غزَّةَ إنَّ في أعماقِنا
غيظاً يكادُ بكلِّ شيءٍ يعصفُ
أكبادُنا احترقت عليكم غضبةً
وقلوبُنا اشتعلتْ وكادتْ تتلفُ
لا تحسبوا أنَّا قعدْنا ذلَّةً
أو أنَّنا عمَّا نراهُ نصدفُ
عارٌ علينا أن نرى أبطالَكم
مثلَ الجبالِ وكلُّ شيءٍ يرجفُ
للهِ كفٌّ زُيِّنتْ بسلاحِها
وأنارَ بالأخرى الطريقَ المصحفُ
للهِ أمٌّ والثَّباتُ بقلبِها
والهامُ من كلِّ النَّواحي تقطفُ
كشفت بقايا سوءةٍ لرؤوسِنا
وهنا وربِّكِ كلُّ سترٍ يُكشَفُ
سيسطِّرُ التَّاريخُ غزَّةَ فيكمُ
عزّاً يُخلِّفُ عنهُ من يتخلَّفُ
لن تنحني للبغيِ يوماً هامةٌ
لم يثنِها عن مبتغاها مرجفُ
فالفجرُ من بينِ البنادقِ مُشرقٌ
والنَّصرُ من خلفِ الخنادقِ يشرفُ
https://palfcul.org/?p=10180 رابط مختصر