10 February, 2025

غَزَّةُ وَالعِيْدُ – قصيدة للشاعر حسنين غازي

عِيْدٌ جَدِيْدٌ.. مَا لِغَزَّةَ عِيْدُ

وَشَبَابُ غَزَّةَ مُعْدَمٌ وَشَهِيْدُ

وَبَنَاتُ غَزَّةَ لَمْ تَذُقْ طَعْمَ الكَرَى

فَعُيُوْنُهُنَّ مِنَ البُكَاءِ جَلِيْدُ

وَشُيُوْخُ غَزَّةَ كَالـمَدَاخِنِ جَوْفُهُمْ

فَالنَّارُ تُحْرِقُ رُوْحَهُمْ وَتُبِيْدُ

وَبُيُوْتُ غَزَّةَ كَالغُبَارِ تَسَاقَطَتْ

لَـمْ يَنْجُ دَانٍ مِنْهُمُ وَبَعِيْدُ

وَرِجَالُ غَزَّةَ فِي السُّجُوْنِ تَغَيَّبُوْا

فِي حُكْمِهِمْ يَتَسَارَعُ التَّجْدِيْدُ

وَلُيُوْثُ غَزَّةَ أنْبِيَاءُ بِقَوْلـِهِمْ

وَفِعَالـُهُمْ لِلسَّائِلِيْنَ رُدُوْدُ

فَالّليْثُ لَيْثٌ مَا تَصَاغَرَ حَجْمُهُ

وَالْكَلْبُ كَلْبٌ إنْ رَعَتْهُ أسُوْدُ

وَبُكَاءُ رُوْحِي أنَّ غَزَّةَ أمَّةٌ

تَفْنَى وَكُلُّ العَالـَمِيْنَ شُهُوْدُ

وَمُحَمَّدٌ يَبْكِي عَلَى أطْفَالِهَا

وَيَنُوْحُ عِيْسَى.. وَالجَبَانُ سَعِيْدُ

وَالّليْلُ يَبْكِي سِنْدِبَادَ طُفُوْلَةٍ

وَيَدُوْسُ أضْلَاعَ النِّسَاءِ جُنُوْدُ

وَالحَالُ فِيْهَا مِثْلَ حَالِ وَزَارَةٍ

نُهِبَتْ.. وَرَأسُ وَزِيْرِهَا مَفْقُوْدُ

وَكَأنَّهَا كُرْهُ السَّفِيْنَةِ بَحْرَهَا

وَالرِّيْحُ تُكْرِمُ ضَيْفَهَا وَتَجُوْدُ

وَإذَا البَلاغَةُ غَادَرَتْ أقْلَامَنَا

مِمَّا نَرَى سَيَخُوْنُنَا التَّجْسِيْدُ

اليَومَ صَارَ الجُوْعُ يَنْخُرُ رُوْحَنَا

مَاذَا سَتَنْفَعُ قِصَّةٌ وَنَشِيْدُ

اليَوْمَ أحْلَامُ البَنَاتِ تَطَايَرَتْ

وَغَدَوْنَ طَقْسًا دِيْنُهُ التَّعْوِيْدُ

اليَوْمَ صَارَ الخُبْزُ غَايَةَ حُلْمِنَا

فَعَسَاهُ يَرْقَى لِلخَيَالِ مُرِيْدُ

فكنَائِسٌ لـَمْ يَبْقَ فِيْهَا عَابِدٌ

وَمَسَاجِدٌ أطْرَافُهُنَّ سُجُوْدُ

وَمَدَارِسٌ نَجَحَوْا فَوَارِسُ صَفِّهَا

لَكِّنَهُمْ تـَحْتَ التُّرَابِ رُقُوْدُ

أطْفَالُهَا مِثْلَ السَّنَابِلِ أحْرِقُوْا

وَيَعِيْثُ مُغْتَصِبٌ بِهَا وَيَسُوْدُ

هِيَ كَعْبَةٌ أخْرَى تَطُوْفُ بِرَأسِنَا

حَسْنَاءُ يَجْرَحُ حُسْنَهَا التَّجْوِيْدُ

هِيَ لَوْحَةٌ مَا اخْتَارَ رَبِّي مِثْلَهَا

هِيَ تُحْفَةٌ مَا طَالـَهَا التَّقْلِيْدُ

فَعَلَامَ نَكْتُبُ يَا(غُزَيْزُ) قَصِيْدَنَا

وَجَمَالُ وَجْهِكِ لِلْخَيَالِ بُنُوْدُ

قَدْ عِشْتُ عُمْرِي يَا (غُزَيْزَةُ) زَاهِدًا

وَالْيَوْمَ ضَيْمَكِ يَا (غُزَيْزُ) أرِيْدُ

فَالشِّعْرُ غَزَّةُ لَا يُقَالُ لِغَيْرِهَا

وَلِغَيْرِ غَزَّةَ لَا يَنُوْحُ قَصِيْدُ

وَتَصِيْحُ غَزَّةُ: يَا رِجَالُ تَحَرَّكُوْا

فَعَسَاهُ يَفْهَمُ مَا تَقُوْلُ هُنُوْدُ

مَنْ لِي بِفَقَّارٍ أصُوْلُ بِحَدِّهِ

لِيَكُوْنَ وَسْمَ مَلَاحِمِي التَّخْلِيْدُ

حُكَّامُنَا صَارَوْا كَرَأسِ نَعَامَةٍ

فِي القَوْلِ عَنْتَرُ فِي الفِعَالُ (عَنُوْدُ)

فَلْتَقْرَأوْا النَّصَ المُقَدَّسَ جُلَّهُ

هَلْ جَاءَ فِيْهِ (طَبِّعُوْا لِتَقُوْدُوْا)

وَتَفِيْضُ أقْلَامِي بِبَعْضِ مَشَاعِرٍ

خَجْلَى وَلَكِنْ حَسْبُهَا التَّصْعِيْدُ

وَلِغَزَّةَ التَّأرِيْخُ يَرْكَعُ سَاجِدًا

وَيُضِيْفُ سِفْرًا مَا عَسَاهُ يَعُوْدُ

إخْوَانُ يُوْسُفَ قَدْ أحَاطُوْا أرْضَهَا

لَكِنَّ لَا ذِئْبًا لَهُمْ فَيَذُوْدُوْا

فَمَزَارِعُ الزَّيْتُوْنِ أُتْلِفَ زَرْعُهَا

وَمَزَارعٌ يَبْكِي بِـهَا عُنْقُوْدُ

مَا عِنْدَكُمْ يَفْنَى وَلَكِنْ عِنْدَنَا

نَارٌ تَفُوْرُ وَتُسْتَفَزُّ حُشُوْدُ

وَعَلَى جِدَارِ البَيْتِ تَبْقَى جُمْلَةٌ

الضَّبْعُ يَفْتِكُ إذْ تَنَامُ أسُوْدُ

وَخُدُوْدُ غَزَّةَ لم تَعُدْ وَرْدِيَّةً

قَدْ خَالَطَتْ لَوْنَ الرَّمَادِ خُدُوْدُ

وَالوَرْدُ وَالزَّيْتُوْنُ أصْبَحَ شَاهِدًا

لِلْمَوْتِ.. هَلْ تُنْجِيْ الغَرِيْقَ وُرُوْدُ؟

أيَمُوْتُ آلَافٌ.. وَتُذْبَحُ أمَّةٌ

أتَشَاهَدُوْا؟ أيَنَالـُهُمْ تَعْمِيْدُ؟

أيَمُوْتُ طِفْلٌ وَالسُّقُوْفُ تُحِيْطُهُ؟

كَمْ سَدَّدُوْا.. أحْقَادُهُم تَسْدِيْدُ

فَيَهُوْدُهُمْ رِمَمٌ تُرَمِّمُ بَعْضَهَا

وَعِرَاقُنَا بَلَدٌ سَبَاهُ يَهْوْدُ

وَالعُمْرُ سَهْمٌ مِنْ كِنَانَةِ حَاقِدٍ

يُدْمِيْكَ مَا إنْ يَأذَنِ المَعْبُوْدُ

وَالصَّبْرُ كَالصَّبَارِ أصْبَحَ شَائِكًا

فَالحُرُّ أضْحَى تزْدَرِيْهِ عَبِيْدُ

وَبَلَاؤُنَا أنْ نَسْتَجِيْرَ بِأمَّةٍ

أُسِرَتْ وَرَانَتْ فِي اليَدَيْنِ قُيُوْدُ

وَيَشِيْخُ طِفْلٌ إذْ نَخَتْهُ مُرُوْءَةٌ

وَفِعَالُ ذِي بَأسٍ هِيَ التَنْدِيْدُ

وَيَضُجُّ لَيْلٌ مِنْ مَهَازِلَ أمَّـتِي

وَيَفُزُّ سَكْرَانٌ وَتَهْرُمُ غِيْدُ

وَتَقُوْلُ غَزَّةُ: يَا جِبَالُ تَحَرَّكِي

لِيَكُوْنَ أعْلَى فِعْلِهِمْ تَرْدِيْدُ

أمْضِي يَرَى الشُّعَرَاءُ أنِّي هَالِكٌ

لَكِنَّنِي لِلمُهْلِكَاتِ أصِيْدُ

فَمَلَاحِمُ التَّأرِيْخِ تَلْعَنُ أمَّةً

قَدْ حَضَّ جُلَّ فِعَالـِهَا التَّمْجِيْدُ

أتَثُوْرُ نِسْوَانٌ؟! وَأنْتُمْ هُجَّعٌ

نِعْمَ الرِّجَالُ.. أدِيْنُكُمْ تَوْحِيْدُ؟!

فَلْيَحْضُرِ (القَعْقَاعُ) هَذَا يَوْمُهُ

وَيُغِيْرُ (مُعْتَصِمٌ) وَتُقْطَعُ جِيْدُ

قُمْ يَا عِرَاقُ فَمَا لِغَزَّةَ نَاصِرٌ

إلّا العِرَاقُ وَجَيْشُهُ الصِنْدِيْدُ

وَتَحَاشَدُوْا أُسدًا تُزَاحِمُ بَعْضَهَا

كُوْنُوْا كَبَرْقٍ سَابَقَتْهُ رُعُوْدُ

لَا حَدَّ يُوْقِفُكُمْ فَهَذَا يَوْمُكُمْ

أتُوَقِّفُ الأسَدَ الغَيُوْرَ حُدُوْدُ

لـَمْ تَبْقَ فِيْنَا لِلسُّيُوْفِ مَهَابَةٌ

مَا غَابَ عَنْ هَذِي السُّيُوْفِ زُنُوْدُ

فَالشِّعْرُ أضْحَى لَا يُفَرِّحُ شَاعِرًا

كَلّا.. وَلَيْسَتْ لِلدُّمُوْعِ سُدُوْدُ

فَالْعُمْرُ سَيْلٌ.. وَالمَوَاقِفُ مَغْرَمٌ

وَالقُدْسُ جُرْحٌ.. وَالخُنُوْعُ صَدِيْدُ

سَيَظَلُّ حَالُ الذَّيلِ حَالَ رُؤُوْسِكُم

وَمَقَامُ غَزَّةَ لِلخُلُوْدِ خُلُوْدُ

لَا عِيْدَ بَعْدَ اليَوْمِ حتَّى تَنْتَهِي

أوْجَاعُ غَزَّةَ أوْ يَمُوْتَ حَقُوْدُ

https://palfcul.org/?p=12692  رابط مختصر

Font Resize