شُهَدَاءُ النُّور – قصيدة للشاعر محمد ياسين العشاب مشاركة ضمن موسوعة “غزة كفاح وجراح”
عَبَرُوا شَهِيدًا لِلْعُلاَ فَشَهِيدَا
نُورًا، وَإِنْ دَفَقَ الظَّلاَمُ شَرِيدَا
نُورًا ـ وَإِنْ رَغِمَ الْخَيَالُ ـ وَجَنَّةً
بَيْنَ الْجِرَاحِ، وَمَوْئِلًا مَنْشُودَا
عَبَرُوا مَجَازَ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَسْرَجُوا
لِلْغَيْبِ مِيلادًا يُضِيءُ، وَعِيدَا
وَجَنَاحَ حُلْمٍ كَمْ أَظَلَّ، وَتَوَّجُوا
لِلْفَجْرِ نَهْرًا لَمْ يَزَلْ مَوْرُودَا
تِلْكَ الطُّيُوفُ الْعَابِرَاتُ وَدُونَهَا
وَطَنٌ تَدَفَّقَ مِنْ رُؤَاهُ وَحِيدَا
تَتَوَضَّأُ الْأَكْوَانُ مِنْ آيَاتِهِ
قَبَسًا، وَتَرْوِي غُصْنَهَا لِيَمِيدَا
تَنْسَابُ بَيْنَ دُرُوبِهِ وَغُيُوبِهِ
لِتَرَى شَهِيدَ اللَّهِ ثَمَّ وَلِيدَا
لِتَرَى الْمَلَائِكَةَ الْكِرَامَ أَهِلَّةً
تَكْسُو الْوُجُودَ، وَأَحْرُفًا وَقَصِيدَا
تَتَأَوَّلُ الْأَرْوَاحَ بَيْنَ ضِفَافِهَا
أَسْرَابَ طَيْرٍ حَلَّقَتْ لِتَعُودَا
يَا نُورَ غَزَّةَ يَا مَلاَذًا يُرْتَجَى
أَشْرِقْ عَلَى تَلِّ الرُّكَامِ عَنِيدَا
أَمْطِرْ بِنَزْفِكَ صَمْتَهُ وَخُشُوعَهُ
وَاسْكُبْ عَلَى طَلِّ الْحَيَاةِ نَشِيدَا
مَا كُنْتَ يَوْمًا لِلظِّلاَلِ رَهِينَةً
كَلاَّ وَلاَ فِي زَيْفِهَا مَصْفُودَا
كَلاَّ وَلاَ عَبَثَ الرَّدَى بِكَ مَرَّةً
إِلاَّ نَهَضْتَ مِنَ الْغِيَابِ مَجِيدَا
كُلُّ الْقُلُوبِ هُنَا سَيَخْفِقُ فَجْرُهَا
فَاسْطَعْ بِنُورِكَ مَا اسْتَطَعْتَ مَزِيدَا
تَاللَّهِ مَا بَيْنَ الدُّجَى وَحُطَامِهِ
طَيْفٌ يَمُرُّ وَيَخْتَفِي مَفْقُودَا
وَالظُّلْمُ مَهْمَا قَدْ عَلاَ بِبِنَائِهِ
يَهْوِي بهِ.. فَكَأَنَّمَا مَا شِيدَا!
وَطَنٌ بِأَنْفَاسِ الْحَيَاةِ لِأَنَّهَا
كَتَبَتْ لَهُ عَبْرَ الْيَقِينِ خُلُودَا
يَفْتَرُّ بَيْنَ حَنِينِهِ وَدُمُوعِهِ
لاَ تُرْجِفُ الْأَحْزَانُ مِنْهُ وَرِيدَا
وَيَلُمُّ أَشْلاَءَ النَّهَارِ يَرُصُّ أَحْـ
رُفَهُ، لِيَبْعَثَ مِنْ سَنَاهُ جُنُودَا
يُصْغِي لِآهَاتِ الْبِلاَدِ، وَحَوْلَهُ
تَمْتَدُّ أَسْئِلَةُ الضَّمِيرِ شُهُودَا
مَنْ قَالَ يُذْبَحُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً؟!
لِيَعِيشَ فِي كَنَفِ الطُّغَاةِ مَسُودَا
مَنْ قَال تَعْبَثُ بِالنُّجُومِ سَمَاؤُهُ؟
وَتُرِيقُ أَنْهَارَ الضِّيَاءِ جُحُودَا
مَنْ قَالَ تَغْرِسُ فِيهِ بَدْرًا ذَاهِلاً؟
يَنْحَطُّ مِنْ بَعْدِ التَّمَامِ شَرِيدَا
وَتُذِيبُ فِي زَيْفِ الْوُعُودِ خَيَالَهُ
حَتَّى تُوَارِيَ فِي الْغِيَابِ وُجُودَا
مَنْ قَالَ تُسْلِمُهُ لِنَزْوَةِ عَابِرٍ؟
يَصْلَى عَلَى يَدِهِ لَظًى وَحَدِيدَا
يَجْتَثُّ أَوْرِدَةَ النَّهَارِ، وَيَرْتَدِي
عَرْشًا كَأَذْيَالِ الدُّجَى مَعْبُودَا
وَيُبِيحُ لِلْأَوْطَانِ لَعْنَةَ دَهْرِهِ
حَتَّى يُحِيلَ بِهَا الشُّعُوبَ عَبِيدَا
فِي كَفِّهِ مُدُنٌ تَدُولُ وَأُمَّةٌ
تَذْرُو كَأَشْتَاتِ الرَّمَادِ عُقُودَا
وَيُرَوِّعُ الْأَزْهَارَ يَسْفِكُ عِطْرَهَا
وَيَدُوسُ مِنْ طَيْرِ الْجِنَانِ وُرُودَا
يُزْرِي بِلَوْنِ الْفَجْرِ يَغْشَى وَحْيَهُ
كَيْمَا يُذِيبَ عَلَى مَدَاهُ حُدُودَا
فَإِلاَمَ يَنْزِفُ قَلْبَهُ وَغُيُومَهُ؟
وَطَنٌ تَغَرَّبَ فِي يَدَيْهِ شَرِيدَا
لَمْ يَبْقَ مِنْ أَمَلٍ لِيَرْحَلَ نَحْوَهُ
إِلاَّ صَدًى عَبْرَ السَّحَابِ بَعِيدَا
بِاللَّهِ يَا أَحْرَارَ غَزَّةَ فَاثْبُتُوا
مَا كَانَ عُمْرُ الظَّالِمِينَ مَدِيدَا
كَلاَّ وَلاَ هَذَا الْحِصَارُ بِدَائِمٍ
لَوْلاَ الْخِيَانَةُ مَا اسْتَطَابَ قُعُودَا
يَوْمًا بِطَعْمِ النُّورِ يَرْسُمُ حُلْمَهُ
وَطَنٌ تَسَنَّمَ لِلسَّمَاءِ عَتِيدَا
مُتَمَرِّدَ الْوِجْدَانِ، يَحْدُو نَحْوَهُ
لُغَةَ النَّهَارِ، وَلَا يُطِيقُ قُيُودَا
وَيَزُفُّ لِلْأَكْوَانِ مِنْهُ يَقِينَهِ
مِعْرَاجَ نَصْرٍ دُونَهُ وَنَشِيدَا
يَوْمًا تُسَافِرُ فِي اسْمِهِ آيَاتُهُ
فِي كُلِّ نَفْسٍ أَنْجَبَتْهُ وَلِيدَا!
https://palfcul.org/?p=11331رابط مختصر