10 February, 2025

جراح وكفاح – قصيدة للشاعرة سكينة المرسي حسين جوهر

أُسائِلُ الليلَ عنهَا كُلَّما وصَفوا

مَأسَاتهَا.. فمتَى يا ليلُ تَنكشِفُ؟

يُجيبُني صَوتُها بِالدَّمعِ مُختَنِقًا

مِن الدَّمارِ.. فيحْوي روحيَ الأسَفُ

وَذِي العصافيرُ فوقَ الدَّوحِ قد قُصِفتْ

مِن غيرِ ذنْبٍ.. ومنها الحُلمُ يُختَطفُ

حُلمُ البراءةِ.. والأطفالُ صارِخةٌ

في حضنِ (غزَّةَ) والزَّيتونُ يَرتَجفُ

والنَّارُ مِن يدِ (صهيونٍ) مُدمِّرةٌ

وجْهَ الحياةِ بِها واسْتفحلَ الشَّظفُ

يُسيلُ نزفَ جِراحٍ لا يُضمِّدُها

إلّا كفاحُ أسودٍ بِالإبا عُرِفوا

..

في (غزَّةَ) النَّصرُ كمْ شاءُوهُ فانتفَضوا

رغمَ الحِصارِ.. وما مَلُّوا وما انْصَرفوا  

يُجابِهونَ عدوَّاً لا فؤادَ لهُ

علَى فنونِ الخَنا والقتلِ مُحترِفُ

قد هدَّمَ البيتَ والمَشفَى.. ومَدرسةً

وفوقَ سُكّانِها كمْ زُلزِلتْ غُرفُ

وتحتَ أنقاضِها الأكوامُ مِن جُثَثٍ

تراكَمتْ.. وعليها التُّربَ قد جَرَفوا

يُخبِّئونَ عن الدَّيانِ ما اقْترفتْ

أيدي صَفاقاتِهمْ؟ أغراهمُ الصَّلفُ

والعُربُ تنظُرُ ذي الآلامَ لاهِيةً

عنِ الجِراحِ.. ولا دمعٌ ولا أسَفُ

شَجبٌ ولا غيرَ.. والتَّنديدُ في خُطَبٍ

ضجَّتْ بهِ حَوْلنا الأقلامُ والصُّحفُ

وهلْ سَيشفي كَلامٌ جُرحَ نائحةٍ

عَلى صِغارٍ لها بالغَدْرِ قد قُصِفوا

والأمَّهاتُ وأطفالٌ لها سُحقتْ

تحتَ الرُّكامِ.. وفِيها شُوِّهتْ نُطفُ؟؟

أنينُهمْ صَمَّ آذانَ الدَّنا ألَماً

لكنَّما العَربُ اعُتادوهُ.. بلْ ألِفوا  

وأغْمَضوا عَينَهمْ عمَّا يُحاكُ لهمْ

مِن قلبِ (غزَّةَ) إذْ أمْستْ هيَ الهدفُ

إلى اجتياحِ أراضيهمْ.. ويا أسفاً

يا أيُّها العُربُ: لمُّوا الشَّملَ.. وائتَلِفوا

وللعروبةِ أحْيوا مَجدَها.. فَلكَمْ

رَواهُ عَن سَالفِ الأجدادِ مَن خَلَفوا      

..

هُمُ الصَّهاينةُ.. التَّدميرُ غايتُهمْ

والقتلُ والسَّفكُ -جَهْراً- كمْ لهُ اقْترفوا

في كلِّ مَذبَحةٍ كمْ فجَّروا حِمماً

مِن المآسي تَفوقُ الحَدَّ إنْ وَصَفوا

بقصفِهمْ يقصفونَ العُربَ قاطبةً

فلتَنهضي أمَّةً.. بالذُّلِّ تلتَحِفُ

وضَمِّدي جُرحَ أكبادٍ مُمزَّقةٍ

في أرضِ (غزَّةَ) قد أودَى بِها التَّلفُ     

وكَفكِفي دمعَ آلافٍ مُشوَّهَةٍ

ترصَّدوها وبالفُسفورِ قدْ نَسَفوا 

ولَملِمي كَومَ أشْلاءٍ.. لهَا انْفطرَتْ

عيونُ ثَكلَى عليها خرَّتِ السُّقُفُ

وأنقذي زهرةَ الأطفالِ إذْ ذَبُلتْ

مِن الصُّراخِ وماتَ اللهوُ والشَّغفُ

لمَّا رأوْا بأتونِ الحرب جَدَّهمُ

والأمَّ والأبَ والإخوانَ قد نَزفوا

فأقسَموا يَحملونَ الرايةَ.. اسْتبقوا

إلى الجهادِ نُسوراً زادُها الشَّرفُ

بَدوْا نخيلاً.. ونحوَ النَّجمِ قامَتُهمْ

تَعلو.. ومِن كَوثرِ الأمْجادِ قدْ رَشفُوا

ما ضَيَّعوا العُمرَ في لَهوٍ.. وما شَغلتْ

أحْلامَهمْ بهجةُ الدُّنيا أو التَّرَفُ

على خُطَى زُمرةِ الأبطالِ خُطوتُهمْ

وفي مَحاريبهمْ صَلُّوا.. بَل اعْتَكَفوا

(أبو عُبيدةَ) ذا المِغوارُ قائدهمْ

وَراءَهُ تابَعوا الأقدامَ ما وَقفوا

وجوهُهمْ (غزةٌ) فِيها قَد ارْتسمتْ

مَلامِحاً لِصمودٍ لَحْنَهُ عَزفوا

لِيُسمِعوا الكونَ.. والأعرابُ غارقةٌ

في لُجَّةِ اللهوِ والتَّرفيهِ تَنصرِفُ

وما تَساوتْ أيادٍ في أصابِعها

جَمرُ الجهادِ.. وأخْرَى زانَها النَّجفُ

وما تساوتْ نِساءٌ يرتَوينَ إبا

وأخرياتٌ مِياهَ الذُّلِّ تَغتَرِفُ

سَيحكُمُ اللهُ والتَّاريخُ حُكمَ رِضًى

في ثُلةٍ لمْ تزلْ للظُّلمِ تَقترِفُ

ويكتبُ العَدلُ للأبطالِ نُصرتَهُ

غداً.. وإنَّ غداً بالحَقِّ يَعترِفُ

وناطقٌ عن بطولاتٍ ل (غزَّةَ) في

صفْحاتِ مَجْدٍ بِآيِ العِزِّ تتَّصِفُ

  https://palfcul.org/?p=12705رابط مختصر

Font Resize