11 February, 2025

بَكَـرُوا – قصيدة للشاعر سعيـد عبيـد

بَكَـرُوا – قصيدة للشاعر سعيـد عبيـد مشاركة ضمن موسوعة “غزة كفاح وجراح” 

بَكَـرُوا

وكُنَّا مِثْلَ عادتِنا نِيامًا في العَسَـلْ

كُنا نيامًا يا صديقـي

مِثلَما كُنا نيامًا مُذْ قُـرُونْ

بَكَرُوا وفي أيديهِمُ بِيضُ الأسَـلْ

كُنَّا تَعوَّدْنا – صَديقي – أن نُفيقَ على الدِّمـاءِ

دِمائِنـا

خَلْفَ الدِّمـاءْ

تَجْرِي بها الأنهارُ في الشاشـاتِ

تَسْقِي حُزنَنا حتَّى الثُّمالَةِ مُثخَنًـا

والعالَمُ المأفونُ عاتٍ مُدمِنٌ

سادِيَّةٌ نَزواتُهُ

حتى ولوْ بَشِمَتْ عِطاشُ فَطِيرِهِ الدمَـويِّ

وهوَ يَلُمُّ مائدةَ الفُطـورِ

فلا يَمَـلْ!

كنا تَعوَّدْنا نُفيقُ على غِناءٍ كالنواحْ:

(“عشرونَ عاما وأنا أحترف الحزن والانتظار”، تقول فيروز)

لكنَّنا يا صُبحَنا اليومَ السَّعيـدْ

بَكَرُوا، فكانَ الصُّبحُ عِيدًا أيَّ عِيـدْ!

عِشْنا طويلًا يا صديقَ الحُـزنِ

قد عشنا، ونُوشكُ أن نمـوتَ

ولمْ نَذُقْ في العُمْر مِنْ كأسِ انتصارٍ نَشوةً كاليـومِ

غَنِّي يا عصافيرَ البِشـارةِ

وارقُصي فَرَحًا فَراشاتِ الحُبـورِ

وزَغْرِدي يا جَدَّتي في قَبرِكِ المنسيِّ مُذ حِطِّيـنَ

واخلَعْ أيُّها التَّاريخُ نَعليْ بُؤسِكَ الماضـي

لِتَدخُلَ هذهِ اللحظَـهْ

صَلاتُكَ لا تَحِلُّ بِغَيرِ غُسلٍ مَرَّتيْنِ بعِطْرِ نَصرِ الفاتحينَ

وَضُوؤُهُ مِسْكُ القُرنفُلِ والشهادةِ والفَرَحْ.

***

ماذا أرَى؟!

طَيرًا أبابيلًا تُحلِّـقُ

فَوقَ أوكارِ اللُّصوص الهانئيـنَ

الوالغِينَ إلى التَّراقِي في كُرومِ الأنبياءِ خِلالَ أُولَى القِبلتَيْـنِ

أَمِ الجُنودُ مع البُنودِ كمَا الرعودِ مُسَوِّميـنَ

تَنزَّلتْ مِن كُلِّ أَمرٍ بالرَّدَى والكِبـرياءْ؟!

سِجِّيلُها الإيمانُ باتَ مُعتَّقًا في سُورةِ الإسـراءِ

يا سُبحان من أسْرَى بعَبـدِهْ

للصَّلاةِ هُنـا

ويا سُبحان من أجلَى عُصاةَ الأنبياءِ إلى الشتـاتِ

وثُمَّ أرْجعَهُمْ إلى المَسْرَى ليَومِ المَلْحمَـهْ

أَسْرَى سَرابِهِـمُ

لِيَجمعَ شَوكَهُـمْ

ويَذُوقَ جَمْعُهمُ وَبالَ القائمينَ على طَعامِ حَمَام قُـدسِ اللهِ

حتَّى لا يَجُـوعَ

ولا يُفَزِّعَ سَجْعَهُ أحَـدٌ.

“ذَرُوهُ، فإنهُ حَرَمٌ حَـرامٌ

قاتِلوهُ إلى الخسارةِ والخـرابِ!”

كذَا تَقولُ نُبوءةُ العرَّافِ عِزرَا بِنيامينَ لِقَوْمـهِ

لكنهمْ لا يَسمَعـونْ

ويُؤكِّدُ الرِّبِّيُّ مُوشِي قَولَـهُ:

“يا أشقياءَ الحُلْمِ في ذِكْرَى يَهـوذا

يا خُطاةَ السَّامِـرَهْ

ويَمينِ يَهْوَهْ، إنَّكمْ جِئتُمْ إلى الخَوْفِ المُقيـمْ

فتفَرَّقُـوا

ويَمينِ يَهْوَهْ، لا بَخورَ بأورْشَليـمْ

عُودوا إلى بوخاريست وبراغ وفاسٍ سالميـنْ

وإلى زُقاقِ “الحاجِ عَدْلِي” في رياضِ القاهِـرَهْ

ويَمينِ يَهْوَهْ، غرَّنا الحُلُمُ القَديـمُ

ولا يَزالُ بهـذه الأرضِ

العَماليقُ الجَبابرةُ الذينَ زَعَمْتُموهُمْ مَيِّيتِـنْ

فهُـمُ أُولاءِ

كمَا رأتْهُمْ في كوابيسِ الشتاتِ مُغمَّضاتُ عيونِنـا

مِثلَ النُّسـورِ

أتَوْا مِنَ القِمَمِ العَنيدةِ يَنْسِلُـونَ

أراهُمُ – يا أيها العُميانُ – في أيديهِـمُ

حُمْرُ المَناجِـلِ

يَحْصُدونَ الغَرْقَدَ الحامِي الصَّديـقَ

مِنَ الوَتِينِ إلى الوَتيـنْ!”

وأتَوْا كما الرِّبِّيُّ قالَ… أتَوْا كما الرِّبِّيُّ قـالَ

وفي صَباحٍ لا نَظيرَ لِشَمسِهِ بينَ الشمـوسِ

أتَوْا فجَاسُوا واثقينَ خِلالَ دُورٍ مِنْ خُيوطِ العنكبـوتْ

وأتَوْا فداسُوا فوقَ أعناقِ العساكـرِ

والعساكرُ في الدساكرِ واطِئـونْ

وهُمُ بِتاجِ العِزِّ في حِرْزِ القُنـوتْ؟

وأتوْا فحاسُوا الحَيْـسَ

كُلَّ الحَيْـسِ

يا بُشْـرَى!

فجُنَّ جُنونُ من قَرِمُوا إلى لَحمِ الملائكةِ الصِّغـارِ

وتِلكَ – صاحِ – حكايةٌ أخـرَى

فحاذِرْ أيُّها التاريـخُ

ألا تَخلَع النَّعلَيْـنِ

إنْ هَيَّأْتَ حِبْرَكَ واليَـراعَ

لِتَكتُبَ الفَصْلَ الحديـثَ

فهذه سَرديَّةٌ أُخرَى جَديـدَهْ

واخلَعْهُما – فَضلًا – إذا أبْصَرْتَنِـي

أُلْقِي وُقوفًا عِندَ سَيِّدةِ الكرامةِ غَـزَّةٍ

https://palfcul.org/?p=9717   الرابط المختصر

Font Resize