المدينة الصائمة – قصيدة للشاعر الشامخ نايف مشاركة ضمن موسوعة “غزة كفاح وجراح”
– هَلْ أَفطَرُوا؟
– مِن أَينَ؛ فَهيَ رُكَامُ؟
لَم يَبقَ إِلَّا القَتلُ وَالآلَامُ
فِي هَذِهِ الأَرضِ المَلِيئَةِ
بِالجِرَاحِ
جَمِيعُ أَسبَابِ الحَيَاةِ حَرَامُ
لَا وَقتَ يَسلُكُهَا
وَتَسلُكُهُ،
بِتَوقِيتِ المَآسِي شُلَّتِ
الأَقدَامُ
الفَجرُ مُنتَحِبٌ يَئِنُّ مِنَ
العَذَابِ
كَمَا تَئِنُّ حِجَارَةٌ وَحَمَامُ
تَبكِي كَثِيرًا دُونَ دَمعٍ،
بَينَمَا هَذَا البُكَاءُ
الدَّاخِلِيُّ حُطَامُ
حِينَ الغُرُوبُ
يَحِلُّ
تَبكِي المئذَنَاتُ
وَتَفرِشُ الشُّهَدَاءَ فِي مَن
صَامُوا
بِرَصَاصَتَينِ تَعَوَّدُوا
الإِفطَارَ،
مِن سَبعِينَ عَامًا وَالهَلَاكُ
طَعَامُ
سَبعِينَ عَامًا وَهيَ صَائِمَةٌ،
وَسُفرَتُهَا يُلِطِّخُ طُهرَهَا
الإِجرَامُ
سَبعِينَ عَامًا وَهيَ سِجنٌ مِن
جِدَارِ البُؤسِ حَتَّى بَحرِهَا،
وَظَلَامُ
سَبعِينَ عَامًا
وَالمَدِينَةُ وَالسَّمَاءُ
يَتِيمَتَانِ
وَفِيهِمَا الأَيتَامُ
سَبعِينَ عَامًا،
كُلُّ ثَانِيَةٍ بِهَا عَامٌ مِن
الأَوجَاعِ
بَل أَعوَامُ…
يَتَذَوَّقُونَ مَوَائِدَ الأَحزَانِ
يَومِيًّا؛
وَقَد كَسَتِ الجُلُودَ عِظَامُ
وَقَعُوا بِفَخِّ الأُمَّةِ
العَرَبِيَّةِ المُلقَاةِ فِي قَاعِ الحَضِيضِ، فَقَامُوا
قَامُوا وَلَا أَحَدٌ تَمَسَّكَ
كَفَّهَم،
كُلُّ الَّذِينَ أَمَامَهُم
أَوهَامُ…
قَامُوا وَمَا مِن حَائِطٍ حَيٍّ
لِيَتَّكِئُوا عَلَيهِ؛ فَقَاوَمُوا وَأَقَامُوا
فِيهَا الرِّجَالُ وَلَا رِجَالَ
سِوَاهُمُ،
فِيهَا سِرَايـَـا القُدسِ،
وَالقَسَّــــــــامُ
أَطفَالُهَا خُلِقُوا مَلَائِكَةً،
وَفِيهَا نِسوَةٌ
يَخشَاهُنَ الضِّرغَامُ
فَعَلَى انهِيَارِ الحَالِ مَا
انهَارُوا،
تَزِيدُ قُوَاهُمُ،
تَتَكَاثَرُ الأَرحَامُ
هُم مِن تُرَابِ بِلَادِهِم
لَا عَينَ تُخطِئهُم؛
فَكُلُّ يَدٍ لَهَا إِبهَامُ
وَالأَرضُ تكفُرُ بِالغَرِيبِ
إذا يَطُولُ
بَقَاؤُهُ؛
وَالشَّاهِدُ الأَيَّامُ
إِيمَانُهَا بِالمُؤمِنِينَ بِهَا
الَّذِينَ لِأَجلِهَا
هُم بِالنُّفُوسِ كِرَامُ
بِالأُمَّهَاتِ صنعنَ
لِلشُّهَدَاءِ أَكفَانًا
كَأَنَّ لِبَاسَهَا إِحرَامُ
بِصَغِيرَةٍ فَقَدَت ذِرَاعَيهَا،
وَأُخرَى سَاقَهَا،
بِصُرَاخِ طِفلٍ (يَامُو)
بِالمُجبَرِينَ التَّارِكِينَ
بُيُوتَهُم؛
لِتُظِلَّهُم بَعدَ البُيُوتِ خِيَامُ
بِالخَائِفِينَ
الجَائِعِينَ
الوَاهِنِينَ
الصَّابِرِينَ
وَلَم يُرَ استِسلَامُ
وَلِأَنَّهَا قَبرٌ
بِوُسعِ الأَرضِ
يَملَؤُهَا الأَعِزَّةُ
لَيسَتِ الأَرقَامُ
تَحتَاجُ مُعجِزَتَينِ حَتَّى
تَستَرِيحَ،
فَحَولَهَا فِرعَونُ وَالأَصنَامُ
فِيهَا القِيَامَةُ
وَالقِيَامَةُ
لَا تَقُومُ بِمَا يَقُومُ بِفِعلِهِ
الإِجرَامُ
الرُّعبُ فِيهَا لَا تُصَدِّقُهُ
الحَقَائِقُ،
أَو تُؤَدِّي مِثلَهُ الأَفلَامُ
جُزءٌ بَسِيــــــــــــــــــــــــــــــــــطٌ
مَا يُقَالُ عَنِ المَعَارِكِ فَوقَهَا،
وَيَبُثُّهُ الإِعلَامُ…
إِبلِيسُ
لَا يُرضِيهِ مَا فِيهَا
وَلَا الحَيَوَانُ
أَوْ يَرضَى بِهِ حَاخَامُ
بَاعُوكِ يَا ابنَةَ هَاشِمٍ،
ضُرِبَت عَلَيهِم ذِلَّةٌ،
مِن يَومِهِم خُدَّامُ
فِي هَذِهِ الأَثنَاءِ
يُقتَلُ كُلُّ شَيءٍ
كُلُّ شَيءٍ
أَيُّهَا الحُكَّامُ!
جَسَدٌ تُهَشِّمُهُ القَذَائِفُ،
تَبتَلِيهِ الطَّائِرَاتُ،
تَفِتُّهُ الأَلغَامُ
لَكِنَّ رُوحًا عَارِيًا
مَا زَالَ يَستُرُهُ رِدَاءٌ مُنهَكٌ
وَلِثَامُ
صَرَخَت
بَكَتْ
نَادَت
تَرَجَّت
عَاتَبَت
صَمَتَت،
وَصَمتُ المُتعِبِينَ كَلَامُ
هَذِي المَدِينَةُ لَا تَعِيشُ وَلَا
تَمُوتُ
زَمَانُهَا وَمَكَانُهَا استِفهَامُ؟
وَإِذَا بَحَثتَ عَنِ الجَوَابِ
فَلَن يُجِيبَكَ غَيرُ قَبرٍ يَعتَلِيهِ خُزَامُ
https://palfcul.org/?p=9123 الرابط المختصر