العنقاء – قصيدة للشاعر علي الحسامي مشاركة ضمن موسوعة “غزة كفاح وجراح”
ناديتُ لكنْ من يجيبُ ندائي
وصرختُ حينَ تبعثرتْ أشلائي
وشكوتُ للأمواتِ من أحيائِهم
إنّي اختنقتُ بغُصَّتي وبكائي
ماتَ الكلامُ على فمي يا سادتي
وتدفَّقتْ فوقَ الحروفِ دمائي
جرحي كبيرٌ لا مقامَ لوصفِهِ
يومُ القيامةِ هاجَ في أرجائي
أنا غزَّة ٌ.. أوما سمعتُم غزَّةً؟
هل أستغيثُ بصخرةٍ صمّاءِ؟
لن تستطيعوا حصرَ يومِ قيامتي
فتخيَّلوا ما شئتُمُ شُهدائي
لحظاتُ موتي صفَّرتْ عدَّادَها
ومجازري قد أحزنتْ أعدائي
لا طفلَ يُولدُ غيرُ حاملِ نعشِهِ
وحليبُهُ البارودُ من أثدائي
حتّى كأنَّ الموتَ هامَ بغزَّةٍ
حبًّا كحبِّ الأمِّ للأبناءِ
أوجزْ حديثَكَ!! لا حديثَ تقولُهُ
إلّا حديثَ مجازري وفَنائي
تبدو المجازاتُ الكبيرةُ نزهةً
يبدو الخيالُ الخصبُ بعضَ هراءِ
واريتُ في قلبي جميعَ أحبتي
ودفنتُ قهرَ اليُتمِ في أحشائي
واللهُ يشهدُ أنَّ حزنيَ قاتلٌ
لكنَّ حسنَ الظَّنِّ فيهِ عزائي
أيكونُ طفلي بعدَ هذا قاتلًا؟
وكما تقولُ وكالةُ الأنباءِ!!!
ويكونُ إرهابي حديثَ نسائِكم
ورجالِكم في الليلةِ الحمراءِ
سأكونُ قبرًا فاغرًا لجيوشِكم
فلتستعدُّوا معشرَ اللقطاءِ
لن تستطيعوا هدمَ صرحِ عقيدتي
وحصارَ إيماني ونزعَ ولائي
أنا غضبةُ الطُّوفانِ نُوحُ كرامتي
قادَ السَّفينَ بسورةِ الإسراءِ
اللهُ أكبرُ فوقَ كيدِ عصابةٍ
صهيونُها الملعونُ تحتَ حذائي
أجلبْ بخيلِكَ إنَّ خيليَ قاهرٌ
وعزيمتي أقوى من الرُّخصاءِ
عربٌ ولكنَّ العروبةَ بقعةٌ
سوداءُ.. ويحَ البقعةِ السَّوداءِ
الآنَ ينكشفُ الغطاءُ عن الأُلى
جمعوا المعاولَ كي يخرَّ بنائي
للغارةِ الشَّعواءِ حنَّ حنينُهُم
وأنا أواجهُ خبثَهم بدعائي
وحدي ولا أحدٌ سيقسمُ خُبْزَهُ
ليصدَّ جوعَ صغيرتي الغرثاءِ
وحدي ولا أحدٌ سيكسرُ صمتَهُ
ليوزِّعَ الحلوى على إصغائي
وحدي كأنّي لم أكن في أمَّةٍ
غزتِ الوجودَ بنورِ غارِ حراءِ
وحدي أذودُ الليلَ عن إشراقتي
وأُجابهُ السِّكينَ عن أعضائي
وحدي كأيَّةِ نخوةٍ عربيةٍ
وكأيِّ حقٍّ.. والوجودُ مراءِ
ليلي طويلٌ كالجحيمِ وإنّما
أجتازُهُ ببسالتي وإبائي
خابَ المؤمَّلُ في الذين حَسِبتُهُم
أهلي كأنَّ أحبتي أعدائي
ولسانُ حالي لن أناشدَ أمَّةً
أصغتْ مسامعُها لغيرِ رجائي
يا قابضَ الأرواحِ إنَّ بغزَّةٍ
قومًا تحدَّوا عاصفَ الأرزاءِ
لم يدفنوا الموتى ليكبرَ ثأرُهم
ويمزِّقوا الأنجاسَ يومَ لقاءِ
ما ضمَّدوا جرحًا يسيلُ نجيعُهُ
ليظلَّ رمزَ العزَّةِ القعساءِ
تأتي على الطِّفلِ الصَّغيرِ قذيفةٌ
وبفِيهِ منها بسمةُ استهزاءِ
ويظنُّ سكّانُ البسيطةِ غزَّةً
دُفِنتْ فتأتي مثلَما العنقاءِ
ويشاهدونَ القصفَ يهمي فوقَها
كتلًا فتحمدُ نعمةَ الضَّرّاءِ
وكأنَّ ميلادَ الشَّهيدِ بغارةٍ
وزفافَهُ لعروسِهِ الحسناءِ
أقوى من اسْرائيلَ دعوةُ طفلةٍ
شقَّتْ جدارَ الصَّمتِ في الظَّلماءِ
وأشدُّ وقعًا في مسامعِ أهلِها
لأبي عبيدةَ نعيُ كلِّ فدائي
تتزاحمُ الأرزاءُ في أرجائِها
فتقودُ أمَّتَها إلى العلياءِ
عطشى ومن عطشِ الرِّمالِ تسلَّلتْ
تروي الإبا في شدَّةِ الرَّمضاءِ
كَلْمى وتختبرُ الوجودَ بصبِرها
في عالَمٍ يسطو على الضُّعفاءِ
قلْ للأساطيرِ الكبارِ توقَّفي
فلقد أُصِبتِ بشدَّةِ الإغماءِ
لن يكتبَ التَّاريخَ إلَّا غزَّةٌ
فتقدَّمي يا أعظمَ الأسماءِ
يا ويلَ إسرائيلَ من وثباتِها
يومَ اللقا والويلُ للحلفاءِ
وسيُهزَمُ الجمعُ الجبانُ وغزَّةٌ
تسمو انتصارًا تحتَ كلِّ لواءِ
سحقًا بني صهيونَ إنَّ قبورَكمْ
حُفِرتْ بشعسٍ من نعالِ بقائي
حانتْ قيامتُكم وأمري قاهرٌ
فالأرضُ أرضي والسَّماءُ سمائي
https://palfcul.org/?p=10409رابط مختصر