23 March, 2025

إلى آخر، هو أنت – قصيدة للشاعرة سمية عصام وادي

(1)

لأنَّكَ أنتَ وجرحيَ

ملكٌ لقلبي

سأسندُ حزني على ظلِّ عينيكَ حتّى أنامْ،

لأنَّكَ في زحمةِ الموتِ

أهديتَ قلبيَ بعضَ الوجودْ

أسمِّيكَ بيتي

الذي كلَّ حربٍ إليهِ أعودْ!

(2)

دقيقةُ حزنٍ لأنظرَ فيَّ

دقيقةُ حبٍّ لأنظرَ فيكْ

وباقي الحياةِ لصمتِ القلقْ

تعبتُ أؤجِّلُ عمريَ

أركضُ بينَ ممرّاتِهِ الآمنهْ

تعبتُ أداوي الخساراتِ،

أهربُ معْ ذكرياتيَ

بحثًا عنِ الضَّوءِ

من نفقٍ لنفقْ!!

(3)

كما لا ترى يا حبيبي،

ولكن تحسُّ،،

اشتهيتُ البكاءْ

وما في رمادِ عيونيَ ماءْ!

فهل في يديكَ الرَّفيقةِ ملحٌ لدمعي!؟

اشتهيتُ الكلامْ

وما في البلادِ هواءْ!

فهل ستغنّي أغاني اللقاءْ؟

لأسرقَ من عزفِهِ ما بوسعي!

اشتهيتُ الحياةْ،

وكم كنتُ أقطفُ ريحانَها من عيونِكَ وهْي تغازلُ بحرَ المدينهْ!

وها قطعوا البحرَ والبرَّ والعطرَ والحبَّ،،

لم يتركوا للغريبِ فؤادي،، إلَّا أنينَهْ

(4)

يساورُني شغفٌ كلَّ موعد غارهْ

أبلِّلُ خاصرة الجرحِ بالكلماتِ القويَّةِ في شفتيكْ

وأن أتوارى بعيدًا عنِ الصَّوتِ والموتِ

بينَ خطوطِ يديكْ

وأمسحَ عمرَ المكانِ

وأكتبَهُ من جديدٍ

طريًّا بلا خيمةٍ وأنينِ حجارهْ

أنيقًا كأيَّامِنا في ربيعِ البلادِ،

بهِ يومَ عضَّ على رئتينا الغروبُ ونامْ

وعضَّ على شفتينا الكلامُ وذابْ

وعضَّ على الدَّمعِ صوتُ الحنينُ وغابْ!

(5)

أيشعرُ هذا النَّزيفُ المسافرُ في نَفَسِ الصُّبحِ

أنَّكَ قربي؟

أيشعرُ صوتُ المدافعِ حينَ يمزِّقُ جلدي،،

وأنتَ تخبِّئُني في فراغِ الأصابعْ،

كأنَّ الفراغاتِ دربي..

ومن يخلعونَ عنِ الحبِّ سترتَهُ،

وعنِ الحلمِ ضحكتَهُ!؟

هل رأوكَ تهدِّئُ حزنَ المقاعدِ وهيَ تولولُ فوقَ الحكايا بقلبي!؟

(6)

أحبُّ السَّماءْ،،

وكم أتحاشى غيابَكْ!

أحبُّ المساءْ،،

أرى فيهِ رغمَ ارتعاشِ السُّؤالِ بصدري جوابَكْ!

أحبُّ السَّماءْ،،

وصرتُ أبيتُ على بابِ خيمتِنا المتهالكْ،،

لأنّيَ -لو لثوانٍ- أخافُ غيابَكْ!

(7)

بعينيكَ نجمٌ يسدُّ ضبابَ القذيفهْ

وحينَ أصادفُ حرفَ هواكَ على الكيبوردِ

أصادقُ حربي،،

كأنّي أؤجِّلُ موتي

كأنَّ المذابحَ تغفو،

كأنَّ رقائقَ صوتِكَ حضنُ نزوحي،

كأنَّكَ أعطيتني هدنةً للأبدْ

كأنَّ جفونَكَ مدّت لقلبي بلدْ!!

وأهدتْهُ خارطةً للحياةِ

على ندبةٍ في بقايا جسدْ!!

(8)

لنا يا حبيبي مزارٌ من الأمسِ

أبعدُ من آلةِ المجزرهْ

وأقربُ من أيِّ موتٍ قريبٍ

وأكبرُ من رقعةِ المقبرهْ

لنا صفحةُ الماءِ يلثُمها نورسٌ لم تنلهُ البوارجْ!

لنا صخرةٌ غرقتْ بالعنادِ تقدِّسُ أسماءَنا

لنا وجهُ قهوتِنا المرُّ

لا غربةٌ تتشظّى عليهْ،،

لنا السَّاحلُ الحرُّ

لا برشوتاتَ تهبطُ فيهِ لتقهرَ عشَّاقَهُ،

العائدينَ إليهْ

فمن نقطةِ الصِّفرِ

عادوا،،

فلا حبرَ إلَّا صديدُ القروحْ

ولا شعرَ غيرُ الوجومْ

ولا ضوءَ إلَّا الرَّصاصُ

ولا خبزَ إلّا دمٌ عالقٌ بالطَّحينْ!

ولا ثوبَ إلَّا الكفنْ

ولا شيءَ يدفعُهم للبقاءِ إلى لا نهايةِ صبرٍ،

سوى ما يُسمَّى وطن!!

(9)

إنَّهُ القصفُ عاودَنا،،

وهْوَ طقسٌ جميلٌ يثيرُ الشَّهيَّةَ للاِعترافْ،

“أحبُّكَ”،،

يتبعُها الاِختباءُ الأخيرْ،،

فقد لا يظلُّ سواها

تطيرُ تطيرْ!

“أحبُّكَ”،،

من خيمتي البائسهْ،،

ومن وجهيَ المتغبّرِ،،

من عنقي،،

عالقٌ بالحنينِ وكحلِ الرَّمادْ

ومن وجنتيَّ المعفَّرتينِ برملِ القبورْ

“أحبُّكَ”،،

يتبعُها لهفةٌ للقاءْ،

على جسرِ منفىً يهدِّئُ من روعِ جرحي،

على منبرٍ للقصيدهْ

تصفِّقُ فيهِ عيونُكَ،،

صافيةً كالمرايا،،

وتنزفُ فيهِ عيوني شقاءَ الحكايا،،

ويتبعُها أنْ أقولَ؛

“أحبُّكْ”

(10)

تعلَّمتُ منكَ الذي دفنتْهُ الحروبُ وضاعْ

تعلَّمتُ أن أتمسَّكَ فيَّ

وأخشى انفلاتَكْ!

تعلَّمتُ كيفَ أحبُّ حياتي/ حياتَكْ

وكيفَ تصيرُ نجاتي نجاتَكْ!

وأرسمُ في خبزِ ليلي ذراعيكَ تلتفُّ حول ضلوعي

وتسندُ جوعي

تعلَّمتُ ألّا يبيتَ دمُ الوردِ في قيدِهم،،

وكيفَ أربِّي دمَ الحقدِ من بيلسانِ البلادِ النَّدي،،

وأن أستفيقَ بُعيَدَ المجازرِ أدفنُ موتايَ

عُلِّمتُ من صلواتِكَ معنايَ

عندَ مصافحةِ الموتِ،

كيفَ أراوغُهُ بالقصيدهْ،

تعلَّمتُ حينَ تموتُ المقاهي

انتشالَ الرِّفاقْ،

وحينَ أصيرُ مطارًا يلوِّحُ للصَّاعدينَ إلى الغيمِ أنْ

أطيلَ العناقْ،،

ويومَ الرَّحيلِ،،

أحرِّرُ من جسدي أمنياتي

لتنموَ عشبًا طريًّا،،

أحرِّرُ من قلقي كلماتي

لئلّا تموتَ منَ الاِختناقْ!

تعلَّمتُ من رعشةِ النُّورِ في نبضاتِكَ،

أن أتعافى منَ الحربِ لحظهْ،،

وأكتبَ عمريَ فيها،

ملاذًا أخيرًا لمن يعشقونْ،،

أعلِّقَهُ صورًا،

لعلّ لقاءً يكونْ

https://palfcul.org/?p=12706  رابط مختصر

Font Resize