قصيدة للشاعر يوسف الكمالي بعنوان “ ألم بربري” ضمن موسوعة “غزة كفاح وجراح”
رسالة من مجانين غزة
..
أيُّها السَّاكِنونَ.. عِمتم سُكونا
دمُنا لَيس مُربحًا، فاتركونا
غزّةُ الآنَ.. والوحوشُ أغارتْ
زرعتْ قلبَها الأخيرَ كَمينا
حرَّرتْ من مسافةِ الصِّفرِ جِيلًا
وأدارتْ رحى الزَّمانِ.. قُرونا
وبنو التَّائهينَ من قومِ موسى
أيقنوا اليومَ: أنَّهم مُدرَكونا
لم يعوا من دروسِ فرعونَ إلّا
قتلَ موسى وأمِّهِ والبنينَا
..
أعدموا مخبزًا، ومشفًى، ومأوًى
وخَديجًا في حِجرِهِ، وجنينا
هدموا روحَ روحِهِ، جدَّ ريمٍ
بعدَما شادَها حنينًا، حنينا
أطفأوا قلبَ وائلٍ.. إذ تحدَّى
أن يكونَ الضِّياءَ للمُعتمينا
قصفوا صَوتَهُ فشعَّ -كما لو
قصفوا نفسَهم- وزادَ رَنينا!
أزهقوا مهجةَ الأذانِ، وراحوا
يشنقونَ المياهَ والأكسجينا
لا تنامُ الخيامُ.. كيفَ المباني
خيَّمت فوقَ أهلِها نائمينا؟
وحدَها غزَّةُ الكسيحةُ تمشي
والليالي بها تمرُّ سنينا
..
أخبروا الموقِدينَ في البرِّ.. نارًا
رحمَ اللهُ قلبَها والعُيونا
كانتِ النَّارُ في العروبةِ سيفًا
لمنِ استنجدوا، ودرعًا حصينا
وطعامًاً وبسمةً وعزاءً
وحياةً جديرةً.. ومَنونا
أوقدوا النَّارَ.. أوقدوها ولكن
سيظلُّ الرَّمادُ فيها دفينا
..
أيُّها الخائفونَ فقدًا، وفقرًا
نحنُ ممّا تخشوْنَهُ آمنونا
فاشتروا باقةَ السَّلامِ وخلّوا
بربريًّا.. يرى السَّلامَ رُكونا
بربريًّا يُبادُ في كلِّ يومٍ
لم يُرِدْ أن يعيشَ، بل (أن يكونا)
ما تبقَّى سوى القليلِ، ونَفنى
ويعيشُ الرَّفاهَ مَن أهلكونا
..
يا نسيمَ المعراجِ، ريحَ نبيٍّ
مرَّ بالقدسَ للسَّماءِ .. حزينا
مثلُنا .. كانَ جارُهُ عربيًّا
وتنادى لقتلِهِ الأقربونا
إنَّ من يَحسَبِ البلادَ جَناحًا
فندقيًّا.. يرى الفِداءَ جُنونا
قل لمستوطنِ الفنادقِ: إنّا
نفتدي في تُرابِنا الياسمينا
نفتديهِ مناضلًا وشهيدًا
وشفيعًا مخلِّصًا وسَجينا
كيفَ عن زهرةِ المَدائنِ نسلو
والأذانُ الجريحُ يصدحُ فينا؟
https://palfcul.org/?p=8546 رابط مختصر