24 March, 2025

أشجار الزيتون – بقلم سمير لوبه

 فوق الأرض تئن أشجار الزيتون الظمأى بينما الماء في العلا يرتعد خوفا  يتشبث بالغيوم يجبن أن يصير مطرا  ؛  فلا تزهر أشجار الليمون ، تحترق أشجار الزيتون تبكيها عيون سنابل خضر ، تخرج جرذان من أوكارها تهدم أعشاش الطيور ،  يمتطي الفارس ” يوسف  ” صهوة جواده  ، مرتديا  دروعه الحديدية لا لتحميه من  ضربات السيوف وطعنات الرماح لكن لترهب أعداءه وتقذف في قلوبهم الرعب  ، أقفال صدئة على قلوب غلف ، رايات عار بيض يخضبها دم الطيور ، ترفع الرايات البيض أياد مرتعشة بألسنة شجب عبثية ، وميض تحت الأنقاض تتقد جذوته ثائرا يرفض أن تدنس أرضه الجرذان ، ومدينة  الزيتون جاثية على ركبتيها ينحرون صغارها تنتظر دورها في الذبح صابرة  أمام ضمير مترهل يغط في نوم عميق ؛ يبحث يوسف عن أعشاش الطيور وسط نيران غاشمة أحرقت أشجار الزيتون  وأزهار الليمون . يتحسس  يوسف نورا بعد أن انطفأت في السماء النجوم ،  يمضي في ساحات الشرف يحارب وحيدا لا تهزمه جيوش ولا تقتله طعنات بل تصرعه آلام خذلان تخفيها دروع  تحتها يتمزق جلده ، يخفي آلام جسده المثقل بالأوجاع بينما هو على ظهر جواده صابر رافع الرأس  يبعث مظهره على القسوة وبث الرهبة في حين  يتآكل جلده داخل الدرع الحديدي ينزف جرحه لا يعلم به إلا الله  ، تركوه وحده في الجب  وكتبوه غائبا عن جمعهم  ،  تفوح من أفواههم رائحة العفن ،  الجسد يتآكل تحت حديد الدروع  لكنها حياة الفرسان يمضون إلى الحروب إلى أن يسقطوا فجأة في ساحات الشرف والعزة  لا بطعنة رمح يسقطون وإنما بذلك العفن الذي يزحف على العقول ، يتمنى يوسف أن يحتضن ماء المطر أرضه فتزهر أشجار الليمون وتحيا أشجار الزيتون يود أن يقبل ضوء القمر صفحة البحر فيتدفق ماء النهر المقدس إلى بحيرة طبرية  لترفع راية الكويتزال رأسها إلى عنان السماء  ، يحلم يوسف أن يتحرك الحرف الساكن فتعزف اللغة جملا  للسلام  .  بالقرب من شجرة الزيتون المحترقة وجدوا جثته  تحت الأنقاض مثل رسالة مطوية في زجاجة أغلق فمها بالفلين  لفظتها أمواج البحر  لا يستطيع أحد  أن يدين من ألقاها . وصفته دموع عيون محترقة  : 

أبيض حلو شعره كيرلي

لم يتعرف على أشلائه أحد ، من الذي فصل رأسه عن جسده  ؟ وماذا فعل ليستحق كل ذلك ؟ تسقي دماؤه الأرض لتزهر أشجار الليمون وتنبت من جديد أشجار الزيتون

Font Resize