في التاسع من اذار عام 2012م سطرت حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين ملحمة نضالية جديدة تضاف الى سجلها النضالي الحافل في مواجهة الاحتلال الصهيوني, وخاضت معركة عسكرية كبيرة في وجه الاحتلال الصهيوني, ووصلت صواريخها الى نحو 20 و 40 كيلو متر, حيث أمطرت سرايا القدس المغتصبات الصهيونية بوابل كبير من صواريخ جراد والقدس وصاروخ 107 وقذائف الهاون, وأصبحت عسقلان وأسدود وكوسوفيم وزيكيم وكريات ملاخي وبئر السبع ونيتيفوت وأوفوكيم, تحت جحيم صواريخ سرايا القدس , واستمرت عملية القصف الصاروخي من قبل السرايا أربعة أيام متواصلة, استطاعت خلالها سرايا القدس الصمود في وجه الالة العسكرية الصهيونية لتسجل ملحمة حقيقية في ميدان المواجهة, وكان لصورة راجمات الصواريخ المحمولة وقعها النفسي الكبير على شعبنا الفلسطيني الذي اشفى صدره مشهد الراجمة المحمولة وهى تطلق قذائفها تجاه المغتصبات الصهيونية, وكان لهذا المشهد تأثيره السلبي على الجبهة الداخلية الصهيونية التي اذهلتها مشاهد القصف والجرأة الكبيرة لمجاهدي السرايا الذين استخدموا الحاملات المتنقلة في عمليات القصف من فوق الأرض في جرأة منقطعة النظير, وكان لمشاهد القصف اثرها السلبي على الاسرائيليين الذين تحصنوا في ملاجئهم, وارعبتهم صور الصواريخ المنطلقة من قطاع غزة تجاه المغتصبات.
معركة بشائر الانتصار اشتعلت بعد اقدام الاحتلال الصهيوني على اغتيال امين عام لجان المقاومة الشعبية زهير القيسي, وقد ظن الاحتلال ان عملية الاغتيال الجبانة ستمر مرور الكرام, وان اطلاق الصواريخ ردا على جريمته ان تم فسيستمر لساعتين او ثلاث, واعتقد الاحتلال ان الرد سيأتي من لجان المقاومة الشعبية وجناحها العسكري الوية الناصر صلاح الدين, ففوجئ بسرايا القدس تخوض المعركة وتحمل لوائها وتبعث برسالة واضحة للاحتلال انها لن تقبل بعودته الى سياسة الاغتيالات, وان دماء الفلسطينيين غالية وامام أي جريمة يرتكبها الاحتلال الصهيوني سترد السرايا بالقصف واستهداف المدن والمغتصبات الصهيونية في منطقة الغلاف الحدودي, كان رد السرايا مزلزلا وفاق كل التوقعات فقد استهدفت مهابط للطيران, ووصلت صواريخها لمسافة 45 كيلو متر, وهددت السرايا بقصف تل أبيب بصواريخ ( فجر 5 ) والتي يصل مداه الى 75 كم, وهو ما دفع الاحتلال لإرسال الوساطات العربية والاسلامية والدولية لوقف المعركة, فاشترطت حركة الجهاد الاسلامي على الاحتلال الصهيوني بالعودة للتقيد باتفاق التهدئة الذي وقعه في القاهرة, وان يلتزم الاحتلال الصهيوني بوقف سياسة الاغتيالات بحق القادة الفلسطينيين, وتمسكت السرايا بمواقفها رغم كل الضغوطات التي مورست عليها, الى ان انتهى الامر بخضوع الاحتلال لشروط السرايا والقبول بها.
شكلت معركة بشائر الانتصار, لسرايا القدس مرحلة إعداد وتجهيز وتطوير لإمكانيات وقدرات المقاومة، حيث اكتسبت منها العديد من الخبرات فعلى المستوى التكتيكي من خلال الدورات والتدريب والتأهيل على خوض المعارك ومفاجأة العدو, أما على المستوى التقني فقد استطاعت سرايا القدس تطوير إمكانياتها الصاروخية بشكل ملموس، تمكنت من ضرب بئر السبع، واسدود لأول مرة بصواريخ قدس محلية الصنع 20 ,40 كيلو , كما امتازت هذه المعركة بكثافة استخدام صواريخ الجراد , وهذا كله يدل على تطور العمل العسكري وكثافة مخزون المقاومة , إضافة إلى ذلك فإن اختيار اسم المعركة ( بشائر الانتصار ) يدل على أنها كانت مقدمة لمعارك وانتصارات اخرى, فالبشريات بدأت من هذه المعركة واستكملت البشريات في اداء فصائل المقاومة الفلسطينية الملحمي في عدوان الاحتلال الصهيوني 2014م على قطاع غزة, واكتملت الملحمة البطولية بإعلان السرايا نتائج المعركة التي قدمت فيها صورة مشرفة للمقاومة الفلسطينية , فقد ودعت سرايا القدس 14 شهيداً من خيرة قادتها ومجاهديها وهم : “عبيد الغربلي ومحمد حرارة وحازم قريقع وشادي السيقلي وفايق سعد ومعتصم حجاج وأحمد حجاج ومحمد المغاري ومحمود نجم ومحمد الغمري ورأفت أبو عيد وحمادة أبو مطلق وبسام العجلة ومحمد ظاهر”، الذين ارتقوا في عمليات استهداف صهيونية متفرقة في قطاع غزة.
كما أعلنت مسؤوليتها عن دك مغتصبات المحتل بـ185 صاروخ وقذيفة، من ضمنها 91 صاروخ جراد و39 صاروخ قدس و 24 صاروخ 107 و31 قذيفة هاون، أوقعت عشرات الإصابات المتوسطة والحرجة في صفوف المغتصبين الصهاينة، كما الحقت دماراً هائلاً وجسيماً بالمباني والمملكات ومراكز المدن الصهيونية, وقد اسست المعركة لمرحلة جديدة من الصراع مع هذا الاحتلال الذي بات يدرك ان أي عدوان على قطاع غزة واي حماقة قد يرتكبها فان لها ثمنا باهظا سيدفعه الاحتلال, فلم بعد العدوان على غزة مجرد نزهة.