صفاء الحطاب
العنوان يشي بالقادم، فالرماد هو ما تخلف من احتراق المواد… وخبايا الرماد هنا تنذر بسرد رواية مشتعلة عن خبايا تلك النار التي انتهت إلى رماد، وقد نجد تحته بعض قطع الجمر.
رواية مكثفة مرهقة مستفزة للمشاعر، تستغرق القارئ تماما، تعتمد في السرد على الصوت الواحد، تارة يكون صوت الشخصية الرئيسية وتارة صوت الراوي العليم.
وقد يكون المؤلف اختار هذا الشكل الفني ليتمكن من التعبير عن الضجيج الداخلي وحالة الضياع الوجودي والعبثية التي تعيشها الشخصية الرئيسية نتيجة الظروف العامة والخاصة.
خط سير الأحداث غير منتظم، والأحداث مبنية كدوائر تردد الصوت، فالقارئ يسمع صوت داخل صوت، ويمكن أن ننتقل في مشهد واحد من الواقع إلى الماضي، ثم إلى حلم داخل ذلك الماضي بصور متلاحقة؛ ليصور الكاتب التشظي الداخلي والتشوش والمعاناة الوجودية التي عاشها الفلسطيني بين واقعه وماضيه وأحلامه الضائعة وتغريبته المستمرة.
الشخصية الرئيسية منفصلة عن الواقع بفعل الخيبات المتلاحقة، وتعيش حياة عبثية تحت تأثير الكحول، وفي حالة نكران واسترجاع دائمين، من خلال ثلاثة مسارات درامية متداخلة: مسار الواقع ومسار الذكريات القريبة ومسار الذكريات البعيدة، فهو يغني لأرض ويحن لأرض ويسافر لأرض ويستقر في أرض رابعة؛ ليعبر المؤلف عن شعور الشخصية بالاغتراب المركب والدائم وبحثها عن السكينة المفقودة، فالشخصية تعيش حالة وجدانية خاصة بها، تسترجع خلالها تفاصيل حياة ضحايا وجناة تقاطعت معهم زمنيا ومكانيا.
تقدم الرواية فكرة اغتيال الأحلام والآمال المشروعة الممنهج والمغلف بالأوهام من خلال توظيف تفاصيل الأحداث المتشابكة للخيانات والمؤامرات، وعلاقة الشخصية المتقطعة والقلقة بحبيبته.
وظف المؤلف «محتويات مغلف» صديق الشخصية الرئيسية المدعو ب «سعد الخبايا»؛ لتصوير تفاصيل المرحلة السياسية في تلك الحقبة الزمنية، وليس ضروريا للاشتباك مع الرواية معرفة شخصية كل الأسماء الوارد ذكرها في تلك المحتويات، وإنما يكفي أن يشير الكاتب بتوضيح مسبق لتلك الفترة وتياراتها الحزبية وأبرز الخلافات بينها، حتى يبقى الخيط الناظم للسرد متصلا من بداية الرواية إلى نهايتها.
المصدر – جريدة الدستور الأردنية
رابط مختصر||https://palfcul.org/?p=6990