الحركة المسرحية في قطاع غزة، حركة نشطة، ولها امتداد تاريخي ليس بالقصير ويقوم عليها مجموعة كبيرة من الشباب تجمعوا على شكل فرق مسرحية، وقدموا مختلف ألوان الفن المسرحي خلال السنوات الماضية وبجهود ذاتية على المستويين المادي والفني.
وقد كانت أولى المحاولات الجادة لعمل مسرحي في قطاع غزة هي مسرحية “ليلة صيد” التي عرضت في نادي مخيم الشاطيء للأديب عبد الفتاح مقداد، ومن إخراج ديب الهربيتي، ثم تلتها مسرحية “أسياد وعبيد” من تأليف رفيق العالول، ومن إخراج محمد أبو سمرة، ثم مسرحية “مقهى الخريجين” من تأليف رمضان شلح، وإخراج محمد أبو سمرة.
تأسست في قطاع غزة عدة فرق مسرحية، مثل: فرقة الشموع المسرحية التي قدمت مسرحية “وجوه ملونة”، و”أطرش في الزفة”، و”بدها صبر”، وفرقة الأمل للفن والمسرح التي أسسها الفنانان صائب السقا، ونبيل ساق الله وقدمت عدة أعمال، منها: “العالم في جيبي”، و”المحسوم”، و”حوار مع دكتور” التي أوقف الحاكم العسكري الإسرائيلي عرضها في نادي غزة الرياضي، وفرقة “حناضل” التي تأسست عام 1989، وقدمت عدة مسرحيات منها “اغتيال حنظلة” للشاعر المصري الكبير عبد الرحمن الأبنودي، و”عرس عروة” للشاعر الراحل عبد الحميد طقش، و”خفافيش الظلام”، و”سوق فراس”، و”الأستاذ خصوصي”، ثم فرقة مجمع الكرامة التي تأسست عام 1992، و مؤسسة يوم المسرح، وفرقة مؤسسة الجنوب، وفرقة مؤسسة بسمة، وفرقة مسرح للجميع، وفرقة جمعية فكرة، إضافة إلى فرقة هيئة مجمع الكرامة في رفح وغيرها العديد من الفرق المسرحية التي منها ما غاب ومنها مازال يعمل إلى يومنا هذا.
من الناحية الفنية، لم تستطع تلك التجارب، رغم كثرتها، ورغم المحاولات الجادة في تحقيقها أن تشكل حركة مسرحية واعية تسير باتجاه النضج الفني، وبالتالي نحو التطور، بل ظلت تدور في فلك الهواية ولا تخرج عن إطار الاجتهادات الإبداعية المحدودة.
أما من الناحية الفنية؛ فلم يكن هناك في يوم من الأيام ما يمكن أن نسميه إمكانيات مادية تتيح للمسرحي القدرة على إعطاء أي عمل مسرحي ولو الحد الأدنى من احتياجاته، بدءاً من أجرة فنان أو فني مروراً بالاحتياجات الفنية من ملابس وديكور واتصالات وأجهزة صوت وإضاءة وموسيقى أو أي احتياج آخر، ونستطيع الزعم إن كل ذلك كان وما زال معدوماً بالنسبة لأي نشاط مسرحي، وبالتالي كل ما قدم حتى الآن في قطاع غزة، قدم بجهد ذاتي، وما كان له أن يرى النور لولا صدق توجه مجموعة من الشباب وصدق هوايتهم وإيمانهم بدور المسرح.
يقول الفنان المسرحي والمخرج الفلسطيني سعيد البيطار، رغم كل هذه الكثافة في العطاء والجهد المسرحي، إلا أن الحركة المسرحية الفلسطينية في قطاع غزة عجزت عن إنتاج أعمال كبيرة وهامة بسبب غياب المؤسسة الثقافية عن هذا الجانب الحياتي المهم في معانقة الحياة اليومية، وقد قامت بعض الجهات الخارجية بتمويل بعض الأعمال وتبني بعض المجموعات المسرحية. وللأسف، كان الهدف هو تهويد الثقافة الفلسطينية، وتخريب التراث والمسرح وحرفه إلى طريق تبتعد عن ملامح الهوية الفلسطينية. ويعتبر هذا ناقوس خطر على الثقافة وعلى المعنيين الانتباه لضرورة الحد من هذا التمويل الخارجي ومساعدة المسرحيين فلسطينياً بالمال والكلمة.
ويعود ضعف الأعمال المسرحية التي قدمت في قطاع غزة وركود الحركة المسرحية عموماً فيها إلى عدة أسباب، منها:
1- عدم وجود دارسين أكاديميين لفنون المسرح؛ فعدد الفنانين المسرحيين الأكاديميين مع الذين عادوا إلى غزة مع قدوم السلطة الفلسطينية لا يصل إلى عدد أصابع اليد الواحدة، هذا في ظل عدم وجود معهد أو أكاديمية لتدريس المسرح حسب الأصول الفنية العلمية المتبعة عالمياً.
2- انعدام وجود الكتاب المسرحي في المجلة الغزية، وكذلك المجلة المتخصصة أو الدراسات المسرحية أو غيرهما ما من شأنه أن يعيد تقدم وتطور المواهب المسرحية ويغنيهم بالثقافة عن وجود معاهد أو مدارس مسرحية.
انعدام زيارة فرق مسرحية من خارج القطاع مما يوفر للجمهور والمسرحيين فرصة للمشاهدة وكسب التجربة والخبرة، ومما يضيف للفنان إضافة نوعية تسهم في تطوير أدواته الإبداعية، هذا بالإضافة إلى العزلة التامة التي عاشها ويعيشها القطاع والحيلولة دون إمكانية سفر الشباب المسرحي للخارج، وذلك: للمشاهدة، وللقاءات المسرحية، والاطلاع على عالم المسرح، وإثراء التجربة، ومواكبة التطورات العالمية.
3- عدم وجود أي دار للعرض المسرحي في القطاع مجهزة تجهيزاً فنياً من كافة النواحي لتعطي للمسرحية إمكانية التجريب والإبداع، أو حتى التدريب أو، تقديم العروض.
4- هذا بالإضافة إلى مشكلة المشاكل، وهي انعدام الإنتاج الذي يشجع الفنان والفني المسرحي على العطاء والتفرغ للمسرح بعيداً عن معاناة العيش والبحث عن قوته وقوت أسرته على حساب موهبته وفنه وإبداع.
المرجع: ويكبيديا الموسوعة الحرة
الرابط المختصر|| https://palfcul.org/?p=2638