أسيل الجندي
القدس المحتلة – بعد بحث وتحليل وتمحيص لـ23 رواية عربية أصدر الصحفي والباحث المقدسي محمد أبو الفيلات كتابه الذي حمل عنوان “مواجهة تهويد القدس في الرواية العربية” والمكون من 263 صفحة.
التحق أبو الفيلات بجامعة القدس المفتوحة للحصول على درجة الماجستير بتخصص الأدب والنقد العربي، وقرر الغوص من خلال رسالة الماجستير في الرواية العربية وبحث دور هذه الروايات في مواجهة المحتل ودحض روايته حول القدس بشكل خاص وفلسطين بشكل عام.
ولأهمية ما نتج عن دراسته التي استمرت 7 أشهر تبنت “دار دجلة – ناشرون وموزعون” في المملكة الأردنية رسالته وأصدرتها قبل أيام.
إسرائيل أسطورة أدبية
التقت الجزيرة نت بالصحفي الشاب لسبر أغوار سطور هذا الكتاب، فقال إنه قارئ نهم للأدب العربي ومنذ التحاقه بمقاعد الدراسة قرر أن يتخصص برسالة الماجستير في الرواية العربية، فانطلق لقراءة روايات مختلفة ولفتت انتباهه فقرة من رواية “مصابيح أورشليم” لمؤلفها العراقي علي بدر.
وجاء فيها “إسرائيل نشأت من أسطورة أدبية، من فكرة رومانتيكية، نشأت من رواية وبالتالي يجب إعادة كتابتها عن طريق الأدب أيضا.. يجب تكذيبها عن طريق الرواية.. الرواية هي أفضل حرب.. طالما كل الحروب قد خسرت وفشلت لماذا لا نجرب الرواية؟”.
وتابع الكاتب العراقي “كل واقعة تخضع إلى سرد مختلف من قبل مستخدميها، فيوم النكبة للفلسطينيين هو يوم تأسيس إسرائيل وهو عذاب وضياع وتشرد للفلسطينيين، وهو يوم وجود كيان للإسرائيليين، هذه رواية وتلك رواية أخرى، هكذا سأجعل من سعيد (بطل الرواية) الذي يكذب الرواية الإسرائيلية”.
هذه السطور بالإضافة لأخرى من رواية “غولدا نامت هنا” لمؤلفتها الفلسطينية اللاجئة سعاد العامري أنارت لمحمد أبو الفيلات طريق البحث.
“أكدت لي نصوص رواية سعاد العامري أن الثقافة السردية مقاومة، وأن الشخصيات الحقيقية والمتخيلة تعبر أحيانا عن رغبة الروائي نفسه وتجسد إرادته الوطنية، وأن الرواية لم تعد منجزا أدبيا فنيا وإنما منجز ثوري يتخذ من البناء الروائي سلاحا للمقاومة”، أضاف الباحث المقدسي.
ومن خلال ربط هاتين الروايتين جاءت فكرة تحليل روايات أخرى بهذا الاتجاه، وأكد أبو الفيلات أن الأديب وكاتب الرواية من الممكن أن يكون مكان السياسي من خلال محاربة الرواية الإسرائيلية في سطور مؤلفاته، وأن شخصيات روايته قادرة على مواجهة المستعمر ودحض أكاذيبه، وبالتالي لا يقل دور الرواية أهمية عن دور المقاومة في الميدان بالدفاع عن قضية القدس بشكل خاص وقضية فلسطين بشكل عام.
وقد حملت الروايات الـ 23 التي حلّلها الكتاب مضامين مختلفة، من بينها تهجير الفلسطينيين من عام 1948 ونزوحهم لمناطق أخرى داخل البلاد وخارجها، ومحاولات الاحتلال تفريغ القدس من خلال سحب حق الإقامة فيها من المقدسيين، بالإضافة لروايات تطرقت لجرائم هدم منازل الفلسطينيين، وأخرى تحدثت عن هدم حارة المغاربة واقتحام الأقصى ودور المرابطين في المسجد وغيرها.
قهر وفخر
وتعليقا على كل ما قرأه أبو الفيلات خلال إعداد رسالة الماجستير قال “الروايات أظهرت لي الظلم الكبير الواقع على المقدسيين منذ الانتداب البريطاني حتى اليوم عبر تسهيل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وسرقة الأراضي والتمييز التاريخي الكبير بين العرب واليهود”.
لكن هذه الروايات ورغم الألم الكبير الذي تحمله صفحاتها منحت مؤلفها القوة والشعور بالفخر كونه مقدسيا، “فرغم الظلم والقهر واستضعاف المقدسيين منذ عقود طويلة إلا أنهم قرروا الصمود في المدينة حتى اليوم وعدم مغادرتها رغم الإجراءات الاحتلالية اليومية الرامية لتهجيرهم بشكل طوعي وقسري”.
وعند سؤاله عما إذا كانت الروايات التي تمركزت حولها دراسته قد نجحت فعلا في مواجهة تهويد القدس، أجاب أبو الفيلات أن للرواية دورا كبيرا في تأريخ تاريخ القدس ومواجهة المحتل.
فعلى سبيل المثال يقرأ كثيرون ممن يسيرون في شوارع القدس وقراها المهجرة اللافتات التهويدية التي حرفت أسماء الأماكن وغيرتها.
وتسرد رواية “عائد إلى القدس” لعيسى بُلّاطة مثلا قصة فلسطيني ذهب إلى مستوطنة “جفعات زئيف” في القدس وتعني بالعربية “تلّة الذئب”، وسأل عن سبب التسمية فأجابه مستوطن هناك أنهم يحاولون استرجاع الأسماء الموجودة في التوراة على أرض الواقع، ويتحدث الروائي في فصول روايته عن محاولات الاحتلال إسقاط أسماء بالتوراة على قرى القدس المهجرة.
وحلّل كتاب “مواجهة تهويد القدس في الرواية العربية” روايات فلسطينية وأردنية وعراقية وجزائرية، واحتوى على 4 فصول؛ هي إجراءات تهويد مدينة القدس، وهوية المكان والإنسان في القدس، وأساليب الرواية العربية في مواجهة تهويد القدس، فيما حمل الفصل الرابع عنوان تأثير البناء اللغوي الروائي في مواجهة تهويد القدس.
المصدر: الجزيرة
رابط الخبر || https://palfcul.org/?p=3049