مَروان مُحمَّد الخطيب
الحبُّ أن تعيشَ لغيرِكَ كما تعيشُ لنفسك،
والأسمى أن تعيشَ لغيرِكَ قبلَ عيشِكَ لنفسك…!.
الحبُّ هو مضمونُ التَّلاقي الشَّهدي الماطرِ بين اللَّيل والنَّهار،
بين الماءِ والتُّراب،
بين الصَّيفِ والشِّتاء،
وبين الأبيضِ والأسود !.
هو ذاك العروجُ الآسيُّ والياسمينيُّ،
إلى مراقي الرِّفد وتخومِ الحُلول العطائيّ،
المنسكبِ كالنُّور المُوشى بأزاهير جَنات عدْن،
أو قُلْ : هو الوصولُ إلى المُحال الذي يسمو بالإنسان إلى مصافِّ النُّجوم وألقِ الملائكة !.
…..، وهو قبل ذلك،
أن تذوبَ في أشواقِكَ حدَّ التَّجلي في اللَّهبِ الأزرقِ،
كأنَّك مسافرٌ إلى الماوراء،
محروزاً من الخِداع والمُنافقين !.
…..، والحياةُ من دون الحُبِّ جيفةٌ تتقاذفها الذئابُ،
وتتحلَّقُ حولها الكلابُ،
وتنهشُ صمتَها الثعالبُ،
وتعلو أبوابَ رقدتِها العناكبُ،
كأنَّها مركونةٌ في العراءِ الرَّخوِ منذُ دهور،
بل كأنَّها مَصيدةُ الرُّوح،
تتركها عزلاءَ،
جوفاءَ،
بلا مضمونٍ،
ومن دونِ رسالة !.
ثم إن بهجةَ الوجودِ،
تغدو سراباً وخيالاً مُتفحِّماً،
مُشرِفاً على ضياعِ الزَّمنِ واهتراءِ اليواقيت،
حيثُ يستحيلُ البرتقالُ زجاجاً خُرافياً جارحاً،
والتُّوتُ يسقطُ من معلَّقةِ الاشتهاءِ السَّوسنيِّ،
وذيَّاكَ العصيرُ الأشهى لِهبَةِ السَّماءِ في الرمُّانِ،
يتفكَّكُ إلى أحماضٍ قاحلةٍ و قاتلةٍ…..،
ثُمَّ يتسمَّرُ الخَفْقُ في حَوافِّ اليأس مشدوهاً،
لاطماً خدَّيهِ بأخماسِ الخيبةِ المزروعةِ في إبرٍ أمرَّ،
وأكثرَ إيلاماً من إبرِ الصَّبارِ القائمةِ بجوارِ مقابرَ جماعيةٍ،
لأشلاء مُزِّقتْ براءتُها في صبرا وشاتيلا،
أو في سريبرينتشا،
أو في محاكمِ التفتيش في أندلسنا التائهِ مع مجدنا السَّجين…..،
كلُّ هذا وأكثر،
يُقَتِّمُ عيشَنا ويُسوِّدُ أصباحَنا،
وينتشرُ في آفاقنا كالزَّعيقِ،
في حالِ اغتيالِ الحُبِّ فوقَ عتباتِ قلوبنا،
وفي المَدى المفتوحِ أمامَ نُهانا…..!.
والحُبُّ فكرةٌ أسمى من الجسدِ وأنجبُ من التُّرابِ،
وأقربُ إلى النَّدى والسَّحاب،
وهو نزوعٌ مُصَلٍّ في محاريبِ الحقيقةِ الكُبرى،
التي يقعُ الوجودُ وراءَها،
وتقومُ النُّجومُ خلفَها،
ويستلقي القَمَرُ بين ذراعيها…..!.
…..، إنَّهُ امتلاكُ حقيقةِ الكونِ والإنسانِ والحياة،
وتبلورُ السَّعي الآدميِّ على الأرضِ ضمنَ أبعادِها المعقولةِ قطعاً؛
ثم انتشارها في زوايا النفس وكُنهها،
طمأنينةً،
سخاءً،
ورخاءً،
ترتاحُ إليه الصُّدورُ،
وتَقرُّ به الجفونُ والعيون …..،
وعندها يصبحُ للحياةِ جوهرٌ ومعنىً،
وتنفتح دلالاتُها على النُّور والحُبور،
فتنقشعُ إلى التَّبددِ والزَّوالِ المُهْلِكَاتُ،
لتسطعَ الباقياتُ الصَّالحاتُ مع الشَّمسِ والهواءِ ندىً وماء …..!.
…..،وإذَّاكَ، نبلغُ مراتبَ الياسمين،
ونعلو مراقيَ الحُروفِ،
…..،ينعدمُ الخوفُ،
وتَهْتِلُ السَّماءُ أبجديةَ الصَّفاءِ والنَّماءِ والنَّقاء…..!.
رابط مختصر|| https://palfcul.org/?p=5884