من خلال معرضه الجديد “المتاحف في المنفى”، يحتضن متحف مونبلييه (جنوبي فرنسا) للفن المعاصر 3 مجموعات تشكّل أعمال مقاومة للحرب والدكتاتورية والقمع، من تشيلي إلى الأراضي الفلسطينية مرورا بسراييفو.
مدير المتحف نوما أمبورسان قال بمناسبة الافتتاح أول أمس السبت (12 نوفمبر/تشرين الثاني 2022) إن المعرض الذي يستمر إلى الخامس من فبراير/شباط 2023 “يثبت أن البلدان عندما تكون في حال حرب، والشعوب عندما تكون في المنفى أو تواجه صعوبات هائلة، تفكر في تراثها، ذلك الذي يجب حمايته وكذلك تراث المستقبل”.
متحف تشيلي
فبعد الانقلاب العسكري الذي نفذه الجنرال أوغستو بينوشيه في تشيلي عام 1973، قرر كثير من الفنانين الذين اضطروا للنزوح إلى المنفى إنشاء مجموعة، وتمكنوا من جمع أكثر من 1300 عمل لتكريم الرئيس اليساري سلفادور أليندي.
وبعد عودة الديمقراطية، أُدرجت هذه الأعمال عام 1991 في متحف “دي لا سوليداريداد سلفادور أليندي” للتضامن مع الرئيس المدني الأسبق قبل الانقلاب في سانتياغو، عاصمة تشيلي.
وفي مونبلييه، يركز المعرض على 32 من 265 عملا تبرع بها فنانون فرنسيون. وهذه الصور والملصقات واللوحات التي تنطوي على رسائل سياسية واضحة في معظم الأوقات، تعكس تماما الجماليات والتسييس القوي خلال سبعينيات القرن الـ20.
معرض سراييفو
أما القسم الثاني من المعرض، فيتمحور حول أوروبا، ويتناول تحديدا سراييفو خلال الحرب الأهلية في يوغوسلافيا السابقة وفي ظل فظائع حصار السنوات الأربع، الذي فرضته القوات الصربية من عام 1992 إلى عام 1996، وأدى إلى سقوط آلاف القتلى.
وحضر موضوعا الموت والغياب بقوة في هذه الأعمال التي تعبّر عن نهاية القرن الـ20، ومنها مثلاً عمل تجهيزي هو عبارة عن أحذية تحت صور كبيرة لأشخاص مفقودين، وشريط فيديو تبدو فيه يد مجهولة تنظف عظاما بشرية، وهما يذكّران بالصراعات التي تبحث فيها العائلات عن مفقوديها لسنوات في مقابر جماعية.
وشاركت هذه الأعمال في معارض عدة في كل أنحاء أوروبا، قبل أن يعرض معظمها في قاعة مبنى بلدية سراييفو، في انتظار بناء متحف للفن المعاصر في عاصمة البوسنة والهرسك، يُتوقع مبدئيا أن يرى النور عام 2023.
المتحف الوطني الفلسطيني
ويُعرض في مونبلييه 44 عملا من أصل نحو 340 لنحو 150 فنانا عالميا تشكل مجموعة المتحف الوطني الفلسطيني للفن الحديث والمعاصر الذي سيقام مستقبلا في القدس الشرقية، بحسب السفير الفلسطيني السابق لدى اليونسكو الشاعر إلياس صنبر.
وهذه المجموعة موجودة منذ عام 2015 في معهد العالم العربي في باريس، وسبق أن أقيمت لها معارض عدة.
وقال صنبر (75 عاما) “قد يتساءل المرء أحيانا عما إذا كان من المفيد حقا أن يرهق نفسه بأن يفعل كل ذلك، ولكن في الواقع ليس ذلك ترفا بل هو حاجة حيوية. يجب دائما تقديم الجمال لخدمة الناس الذين يعانون. إنه أحد أشكال المقاومة”.
وفي المعرض أيضا توضيح للسياق التاريخي لنقل الأعمال من المتاحف الإسبانية خلال الحرب الأهلية (1936-1939)، ومن متحف اللوفر عشية الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، من دون نسيان النزاع الحالي في أوكرانيا.
وقال فنسان أونوريه، أحد مفوضَي المعرض، “إنها قصة كل هذه الأعمال المهجرة التي تضرر بعضها (…) لكنها أيضًا قصة تضامن وأمل، لأن كل هذه المجموعات تستند إلى فكرة مصالحة الشعوب”.