مازن الخلف
قدم معرض مركز التراث الفلسطيني الذي أقيم في مقرّ جمعية الخريجين الكويتية في نسخته الـ55، بعضا من ملامح تراث فلسطين من خلال عرض أعمال فنية متنوعة، أبرزها ما يتعلق بفنّ التطريز الفلسطيني المتميز، الذي دخل ضمن قائمة التراث الإنساني الفلسطيني في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) عام 2021.
وضمّ المعرض -الذي اختُتم أمس الخميس فى العاصمة الكويتية- أنواعا من المشغولات الخزفية والمأكولات الفلسطينية والمنسوجات والكتب والمؤلفات التى ترسخ الهوية وتحكي تاريخ الثقافة الفلسطينية المتنوعة.
وركز المعرض على الحفاظ على الهوية الفلسطينية، خصوصا بعد الهجمات الإسرائيلية لطمس معالم التاريخ الفلسطيني، كما أكد على أحقية الفلسطينيين فى التشبث بأرضهم وتاريخهم وتراثهم.
وقالت فاتن أبو غزالة، المتطوعة في مركز التراث الفلسطيني -وهو مؤسسة غير ربحية مقرّها في الأردن- إن المعرض يسعى إلى تحقيق أهداف عدة، أهمها الحفاظ على التراث الفلسطيني والتأكيد على الرواية الفلسطينية بأننا أصحاب الأرض والحق.
تمكين المرأة الفلسطينية بالمخيمات
وأضافت فاتن أبو غزالة أن الفلسطينيات مشهورات بالتطريز، حيث يتم تعليمهن هذه المهنة حتى لا تندثر وتبقى حية بين الأجيال المتعاقبة، بالإضافة إلى المساعدة فى تمكين المرأة الفلسطينية في المخيمات بالأردن للاستفادة ماديا من عوائد هذه الحرفة.
وأشارت -في حديثها للجزيرة نت- إلى أن المعرض الذي تم تنظيمه بالتعاون مع السفارة الفلسطينية في الكويت، تضمن قسما كبيرا من المطرزات اليدوية، شملت الأثواب التقليدية التي تشير إلى المناطق الفلسطينية مثل رام الله وبيت لحم وغيرها، إضافة إلى مطرزات للوسائد والملاءات والصناديق والإطارات.
وأردفت أن المعرض تضمن أيضا قسما للقطع الخزفية التي تمّ إحضارها من مدينة الخليل المشهورة بهذا النوع من الفن، والمأكولات الفلسطينية الشهيرة مثل الزيتون وزيت الزيتون والزعتر والسماق، بالإضافة إلى قسم للكتب التى اختيرت بعناية وعرضت باللغتين العربية والإنجليزية، حيث تضمنت كتبا عن التطريز والطبخ وتاريخ فلسطين وقصصا ورسومات للأطفال وكتبا سياسية.
وأوضحت أبو غزالة أن سبب إقامة المعرض في الكويت يرجع إلى أن المتطوعات جميعهن مقيمات في الكويت، موضحة أن الكويت من الدول السباقة في دعمها للقضية الفلسطينية، وتضم جالية فلسطينية كبيرة.
وأكدت أن المعرض يسهم فى توفير مبالغ مالية تساعد في تأمين العيش الكريم للنساء الفلسطينيات في المخيمات، حيث يتم توزيع إيراداته إلى 3 أقسام بالتساوي، الأول للنساء اللواتي ينتجن المعروضات، والثاني لتغطية تكلفة المواد المستخدمة في المشغولات، أما الثلث الأخير فيتم توزيعه على مشاريع خيرية داخل فلسطين.
عراقة التطريز الفلسطيني
وتشارك المتطوعة منى الزعنون في هذا المعرض منذ نحو 25 سنة، إذ تعلمت فنون العمل التطوعي وأدبياته ومعانيه ومعاني التراث الفلسطيني، ثم انتقلت بعدها من فهم التراث إلى معاني الوحدات التطريزية في فلسطين.
وقالت الزعنون للجزيرة نت إن المنتجات المتوافرة في المعرض، والتي أنجزتها نساء فلسطينيات في مخيمات الأردن، فتحت طريقا لدراسة التراث الفلسطيني. فمنتجات التطريز تعكس طبيعة الحياة في البيئة التي تأتي منها، وذلك من خلال الرسومات الموجودة على الأثواب المطرزة، وتُنبئ عن حياة الحضارات التي تعاقبت على فلسطين، مؤكدة أن الإقبال كان كبيرا جدا على اقتناء المطرزات الموجودة في المعرض، والتي تجاوز عددها 150 قطعة مطرزة، إلى جانب قطع الخزف والسيراميك.
من جانبها، أوضحت المتطوعة غفران الشرابي، وهي من المشرفات على قسم المأكولات في المعرض، أن المواد الأساسية للمأكولات التي شاركت في المعرض تم إحضارها من فلسطين، مثل الزيتون وزيت الزيتون والصابون النابلسي، إضافة لعرض بعض المأكولات المنزلية الفلسطينية من قبل بعض المتطوعات.
ورأت الشرابي -في حديثها للجزيرة نت- أن المعرض شهد إقبالا كبيرا من الزائرين على شراء الأطعمة الفلسطينية، وأن بعض الزوار حضروا للمشاركة في المعرض للتبرع أو شراء بعض هذه المنتجات، لأنهم يعرفون أن الهدف من المعرض نبيل وخيري.
يُذكر أن المعرض يُنظم منذ عام 1990 مرتين كل عام، ويتلقى دعما من مؤسسات النفع العام والدعم المجتمعي، مثل جمعية الخريجين الكويتية وجمعية “كويتيون لأجل القدس” والجمعية الثقافية النسائية والسفارة الفلسطينية في الكويت، والتي قدّمت التسهيلات اللازمة من تراخيص وتأمين لمكان المعرض.
كما تزامن المعرض مع الذكرى 105 لوعد بلفور، ويُنتظر أن يعقبه معرض آخر في فبراير/شباط المقبل تحت مظلة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت.