يوسف الشايب:
دشّن عرض “ما تبقى لكم” عن رواية الروائي المناضل الشهيد غسان كنفاني لفرقة مسرح “أفروديت” المغربية، عروض مهرجان المسرح العربي بالدار البيضاء، على خشبة مسرح “مولاي رشيد”، مساء أول من أمس.
ولم تغب الرموز الفلسطينية من رسم لصورة كنفاني وفيديو له، وأغنيات وطنية وأهازيج مرتبطة بالمناسبات، ورموز كالكوفية وغيرها، عن العمل المسرحي الذي انتظم في مجمله بالدارجة المغربية، مع النزر اليسير بالعربية الفصحى.
والعرض من تجسيد الفنانين: قدس جندول، وسلمى مختاري، وانس العاقل، وعبد الرحيم تميمي، وأبو بكر آيت يحيى، وإخراج عبد المجيد الهواس، الذي قال إن مسرحية “ما تبقى لكم” عن رواية غسان كنفاني، تحكي عن مرحلة تاريخية “اتسمت بتهجير الفلسطينيين من يافا، وتشتيت العائلات الفلسطينية”، بحيث أن عوالم العمل نسجت من خلال رصد حياة شاب وشقيقته، عاشا في معزل عن أمهما، حالمين بالعودة يوماً ما لملاقاتها، وخاصة عقب فقدانهما “لوالدهما معيل الأسرة”.
وتتمثل فلسطين، التي تغيب عن المنافسة على عروض المهرجان أو حتى العروض خارج المسابقة في دورات المهرجان الأخيرة، بحضور في لجنة تحكيم المهرجان، ممثلاً بالفنانة إيمان عون، ويشاركها في اللجنة كل من الفنانة اللبنانية جوليا قصار، والأكاديمي والإعلامي د. خالد مبارك من السودان، والفنان خالد الطريفي من الأردن، فيما يترأسها د. مدحت الكاشف عميد المعهد العالي للفنون المسرحية في مصر.
كما ثمة مشاركة فلسطينية في الوُرش الرئيسية للمهرجان، بحيث يقدم الفنان سعيد سلامة “ورشة في الإيماء الصحيح”، تمتد لأيام، تحت عنوان “حين تتسع الرؤيا تضيق العبارة”.
وكان الفنان العراقي القدير جواد الأسدي، وتم تكريمه في المهرجان، قدم رسالة اليوم العربي للمسرح، الذي تزامن مع حفل افتتاح المهرجان، في العاشر من كانون الثاني من كل عام، مقدماً رؤية عميقة حول واقع المسرح العربي ومآلاته، بجرأة، بحيث أشار إلى واقع مرير “أوقع جيلاً شبابياً مُبتكراً في هاوية اللاجدوى، تتناقلهم الهجرة إلى بحار ترميهم في تيه جحيمي بعيدين عن بلادهم وأهلهم، يلوكون الغربة كعشبة مرّة ونزيف حار في قتالهم من أجل استكمال مشاريعهم الإبداعية.. إنها السلطة الثقافية الرسمية التي ترمي سجادة جهلها في الشوارع والمقاهي والمؤسسات والبيوت في واقع سياسي استثماري، يرسخ القيم اللصوصية، وسرقة المال العام، والرشوة، والتزوير”.
وكرّم المهرجان ممثلاً بوزارة الثقافة والشباب والتواصل المغربية والهيئة العربية للمسرح نخبة من “القامات المسرحية المغربية”، هم: عبد الإله عاجل، وعبد الرزاق البدوي، وفاطمة الغالية الشرادي، ومحمد البلهيسي، ومحمد التسولي، ومحمد الجم، ومصطفى دسوقين، ومصطفى الزغري جمال الدين، ومليكة العمري، ونزهة الركراكي.
واشتمل المهرجان على عروض أدائية وغنائية، من بينها بعرض للفرقة الكوليغرافية للفنان المغربي توفيق إيزيديو، وفرقة الرقص المعاصر “نمشي”.
كما اشتمل الحفل على كلمات شددت جميعها على أهمية الثقافة والفن كرافعة حضارية، وأهمية المسرح كفعل حضاري، والمهرجان كحالة ثقافية تتواصل عبر الهيئة العربية للمسرح في الشارقة للدورة الثالثة عشرة، وتحط رحالها هذه المرة في المملكة المغربية، وتحديداً في الدار البيضاء، وهو ما شدد عليه كل من محمد المهندي بنسعيد وزير الشباب والثقافة والاتصال المغربي، وإسماعيل عبد الله الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، ومحمد ولد اعمر المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، وسالم بن محمد المالك المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والثقافة والعلوم (إيسيسمو)، علاوة على ما جاء في كلمات المُكرّمين من الفنانين المغاربة.
وقال وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي محمد المهدي بنسعيد في كلمة الافتتاح: سعداء لاستقبال هذا المهرجان الكبير الذي تأسّس لينشر عبر لغة المسرح قيم السلام والتسامح، تظاهرة وازنة في العالم العربي بشعار “نحو مسرح جديد ومتجدد”، وهي دعوة صريحة لتقوية المسرح العربي وتطوير آلياته ليكون مسرحا منفتحا يتعاطى مع قضايا الحاضر والمستقبل.
وكان بنسعيد شدّد في تصريح سابق على أن “المملكة المغربية بصفتها الجهة المحتضنة لتنظيم الدورة الثالثة عشرة من المهرجان وفّرت كافة الإمكانات لتنظيم دورة مميزة وفارقة، تليق بالمسرح المغربي الذي سجّل فوزين في دورتي المهرجان لعامي 2017 و2018، وكذلك بما تشكله الهيئة العربية للمسرح كفاعل إستراتيجي في تنمية وتطوير المسرح العربي”، مضيفا أن “المشاركين في المهرجان سيجدون فرصة كبيرة لتحقيق أحلامهم الفنية بين إخوتهم في المغرب”.
وقال الأمين العام للهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبدالله في كلمته: هو هو مهرجان المسرح العربي يحط رحاله في مدينة البهاء الدار البيضاء، وها هو يزهو بالمسرحيين من المغرب ومن كل أرجاء الوطن العربي.. يزهو بإبداعاتهم، برؤاهم، يحلق في أسبوع من الجمال بأجنحة خيالهم.. يمكن أن نسمي هذه الدورة بدورة التحديات والانتصارات، وهذا أمر دقيق، إذ كان التحدي الأكبر هو الجائحة التي اضطرتنا لتأجيل هذه الدورة مرتين، الأولى في العام 2021، والثانية في العام 2022، مشيداً بالتعاون الاستراتيجي المغربي عبر وزارة الشباب والثقافة والتواصل، والتي بكوادرها ذللت وسهلت كل عقبة يمكن أن تواجه انعقاد المهرجان في العام 2023، “كما كان معنا تلك الكوكبة الكبيرة واللامعة من مسرحيي المملكة المغربية”، وما يحويه المهرجان هو دليل على حجم الجهد الذي بذله جمع من نساء المسرح ورجاله من الهيئة والمملكة المغربية.
“لقد أرادت الهيئة لمهرجان المسرح العربي أن يكون أكثر من مهرجان وأكبر، لذا فإن هذه الدورة تشهد إصدار 12 كتابا في أحوال المسرح المغربي، دستة من المعارف تقدمها الهيئة بأقلام الباحثين والمبدعين المغاربة، هدية الهيئة للمكتبة المسرحية المغربية والعربية.. لقد حرصنا في كل مهرجاناتنا أن نؤسس المجال الفكري بمؤتمر فكري نعده بعناية فائقة، وفي هذه الدورة وضعنا برنامجه تحت عنوان (التجارب المسرحية المغربية.. الامتداد والتجديد) حيث ستتم مساءلات علمية لهذه التجارب”.
المصدر: منصة الاستقلال الثقافية
رابط مختصر|| https://palfcul.org/?p=6239