بيت فلسطين للثقافة – فايز أبو عيد
نظم بيت فلسطين للثقافة يوم 18 أيلول/ سبتمبر الجاري ندوة ثقافية حملت عنوان “تحت صوت المجزرة” لإحياء ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا التي جرت في 16 سبتمبر/أيلول 1982.
شارك في الندوة الثقافية التي أدارها الشاعر والأديب “جعفر حجاوي” والتي بثت عبر تطبيقي زوم والفيس بوك، ثلة من الأدباء والفنانين ورسامي الكاريكاتير هم: الكاتب “مخلص يحيى برزق”، رسامة الكاريكاتير “أمية جحا”، الفنان “عبد الفتاح عوينات”، والروائية “جهاد الرجبي”.
افتتح الندوة الثقافية “سمير عطية” مدير بيت فلسطين للثقافة، الذي ألقى كلمة المؤسسة المنظمة بالحديث عن أن أهمية إحياء ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، قائلاً : “لأن الصهاينة يلاحقون حتى الذكريات نقيم هذه الفعالية، لأنهم يفتشون في ذاكرة كل فلسطيني وحر عن بقايا وطن وجراح وألم، في وجداننا كي يعتقلوها ويجعلوا فلسطين وطناً بلا ذاكرة وهوية ولا أمس ولا يوم ولا مستقبل، من أجل هذا نحن معكم لأجل أن نرسم ونشدو ونكتب لنقول للصهاينة لن نستسلم، ولن تمحى الذاكرة وتسقط في أوحال الاحتلال.
وأضاف عطية أنهم يسألون عن الوطن المُضيع ونحن نسعى إلى وطن محرر، ويُسيجون ذاكرتنا بالجرح والألم، إلا أننا نفتح ذاكرتنا ونقص أسوار الحديد بالأقلام والريشة لأن وقع الكلمة يبقى خالداً في قلوبنا.
فيما رأت الروائية والأديبة “جهاد الرجبي” أن الأدب بمختلف أشكاله أهتم بمجزرة صبرا وشاتيلا كحدث مؤلم وغير عادي رغم تكرره في التاريخ الفلسطيني، منوهة إلى أن أدب النثر والرواية بصورة خاصة أولى أهمية كبيرة للحديث عن مجزرة صبرا وشاتيلا، كحدث لا يمكن للأدباء والفنانين أن يتجاوزوه.
وأشارت الروائية إلى أنه رغم المآسي ونكبات شعبنا والمجازر التي تعرض لها لا يمكنه أن يحيا إلا بالأمل، لأنه إذا فقد الأمل فقد إرادة الاستمرار، منوهة إلى أن الوضع الذي نعيشه اليوم هو وضع مبشر لأن لدينا أرادة الحياة وتحرير فلسطين والعودة إلى ثراها.
أما الكاتب “مخلص يحيى برزق” قال: إن مجزرة صبرا وشاتيلا هي بالنسبة له قصة نزيف، لأن والده أصيب بذبحة قلبية وتوفي على أثرها، نتيجة متابعة لأخبار المجزرة وما عُرض منها من صور تدمي القلب ويعجز اللسان عن وصفها”.
وتابع “برزق” أن هذا الحدث أثر بمجريات حياته وبدأ البحث عن طرق يشارك فيها بالكشف عن بشاعة هذه المجزرة ومرتكبيها، حيث شارك في نشاط أقامته الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين في جامعة الكويت فأنشد قصيدة للشاعر يوسف العظم وقصائد لوالده، كما أنه كتب قصة قصيرة بعنوان “صبرا” وهي تروي قصة شاب فلسطيني من سكان مخيم صبرا وشاتيلا تغترب عن لبنان للدراسة، وعندما تخرج عاد إلى مخيمه في ليلة المجزرة، وتسرد القصة كيف اختلط احتفاء عائلته به مع أصوات الرعب والمجزرة التي ارتكبت بحق هذه العائلة وسكان المخيمين.
وحول أثر الكلمة والأنشودة في الوعي الوجداني على مستوى الفرد والجماعة، بين الباحث “برزق” أن الكلمة كانت وستبقى أثرها عظيم جداً في تشكيل الوعي السياسي لدى الأجيال مستشهداً بقصائد والده الباحث والشاعر والأديب يحيى برزق، والتي تحولت إلى أيقونات وأناشيد فيما بعد.
بدورها اعتبرت رسامة الكاريكاتير “أمية جحا” أن فن الكاريكاتير الذي لا يعبر عن آمال وتطلعات وآلام الشعب العربي والفلسطيني، والذي لا يبكينا في هذه اللحظات على واقعنا المرير وآلامنا هو فن غير صادق، منوهة إلى أن فن الكاريكاتير الذي يستخدمه بعض الفنانين كوسيلة للإضحاك هو نوع من الترف لأناس ليس لديهم قضية أو هم وطني، وهو يتماشى مع السلطة التي تريد تذويب الإنسان العربي في قضايا لا تهم الأمة وحتى لا يعرف ماذا يريد.
واستطردت الفنانة أمية في حديثها قائلة: “نحن كفنانين فلسطينيين الذي يجعلنا نضحك ونبتسم تلك الأحداث التي تدفعنا للأمل والتفاؤل ربما كان أخرها هروب الأسرة الستة من النفق قصة وما أحدثه ذلك من ردود فعل إيجابية في المجتمع الفلسطيني والعربي، فهؤلاء الأسرى حتى لو أسروا يبقى لهم شرف أنهم مرغوا أنف الاحتلال في الوحل وأنهم جعلونا نبتسم من جديد، ودفعونا للرسم ومناصرة قضية الأسرى التي لن تموت وسنظل ننافح عنها بكل ما أوتينا بكلمات بريشتنا بأصواتنا التي تشدو من أجل الحرية.
وعن صدى مجزرتي صبرا وشاتيلا عند الفنان “ناجي العلي” وزملائه من رسامين ورسامات ذكرت أن ناجي العلي من أكثر الفنانين الذين رسموا عن مجزرة صبرا وشاتيلا، لأنه ابن القضية الفلسطينية وهو مدرسة بحد ذاته، متطرقة للحديث عن عدد من الفنانين الفلسطينيين والعرب والعالميين الذين رسموا عن مجزرة صبرا وشاتيلا، وما تعرضوا له من ضغوطات وتهميش وعدم نشر رسوماتهم لطمس معالم تلك المجزرة، مشددة على أن ذلك يضع على كاهلنا أن ندرس الفن الفلسطيني والعربي، لنتعرف على حضور القضية الفلسطينية بالعقل العربي وريشة الفنان العربي والعالمي.
فيما شدد الفنان ” عبد الفتاح عوينات” على أن مجزرة صبرا وشاتيلا كانت نقطة تحول كبيرة في وعيه السياسي منذ طفولته، حيث بدء مع رفاقه بتعليق الأعلام السوداء كتعبير عن الحداد على شهداء المجزرة، كما أنه شارك بمظاهرات منددة لها، ومنذ ذلك الحين بدأ البحث في كيفية كيف يمكن أن يكون جزءاً من الحراك الفاضح للقمع الصهيوني ولمرتكبيها والمندد بها، وخاصة بعد أن سمع صرخات والدته ودعواتها على الظلمة الذين ارتكبوا المجزرة.
وأوضح العوينات أن دوره كفنان ينبع من دوره كإنسان يهتم بقضايا أمته وقضية وطنه، لذلك بدأ بإنشاد بعض القصائد التي كتبت عن مجزرة صبرا وشاتيلا، كي تبقى حاضرة في أذهان الأجيال ويعلموا مدى بشاعة وفظاعة ما ارتكبه بحق شعبهم.
كما انتقد عدم وجود منصات إعلامية كبيرة توصل صوتنا للعالم أجمع من أجل فضح الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني، وعدم احتضان وتبني الرموز والفنانين والرسامين والكتاب الفلسطينيين، مشدداً على أنه في حال عدم تبنيهم فهم في حالة من الاندثار، معبراً عن حزنه لما يقدم للجيل الجديد من معلومات وأغاني سخيفة وفارغة ليس فيها تربية وطنية لهم وحمل للهم الوطني.
الرابط المختصر|| https://palfcul.org/?p=2369