قرّرت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام سحب فيلم “أميرة” من سباق جوائز الأوسكار 2022 بعد أن أثيرت حوله عاصفة من الانتقادات والجدل لطريقة طرح فكرة تهريب نطف المعتقلين في سجون الاحتلال، وما حمله الفيلم من إساءة للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وقالت الهيئة في بيان لها إنها تقدر قيمة الفيلم الفنية وتؤمن أنه لا يمسّ بأي شكل من الأشكال بالقضية الفلسطينية ولا بقضية الأسرى، بل على العكس، فإنه يسلط الضوء على محنتهم ومقاومتهم، وكذلك توقهم لحياة كريمة على الرغم من الاحتلال، ولكن في ظل الجدل الكبير الذي أثاره الفيلم وتفسيره من طرف البعض بأنه يمسّ بالقضية الفلسطينية واحتراما لمشاعر الأسرى وعائلاتهم، قررت الهيئة الملكية للأفلام العدول عن تقديم “أميرة” لتمثيل الأردن في جوائز الأوسكار.
وكان الفيلم وهو من إخراج “محمد دياب” قد صوّر بالكامل في الأردن سنة 2019 وهو من إنتاج مشترك بين الأردن ومصر وفلسطين.
وعُرض بنجاح في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية، مهرجان البندقية (إيطاليا) والجونة (مصر) وقرطاج (تونس)، وكذلك في مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان في عمّان، وقد فاز بجائزتين دوليتين في “البندقية”.
ويروي الفيلم في حبكة درامية قصة “أميرة” وهي مراهقة فلسطينية تبلغ 17 سنة جاءت إلى الدنيا عن طريق التلقيح بواسطة تهريب السائل المنوي لوالدها الأسير نوّار. على الرغم من أنّ علاقتهما منذ ولادتها اقتصرت على الزيارات في السجن فقط، يبقى والدها بطلاً بالنسبة لها ويعوض غيابه في حياتها حب وعاطفة كل من حولها، إلا أن تطورات جديدة تقلب عالم “أميرة” رأساً على عقب عندما يتم اكتشاف أن النطفة التي جاءت من خلالها مأخوذة من أحد ضباط السجن الإسرائليين.
وهي الفكرة التي أثارت الغضب لدى قطاع واسع من الفلسطينيين الذين لطالما اعتبروا المولودين من نطف الأسرى الفلسطينيين بمثابة سفراء للحرية، وأن هذا الخيار لديمومة النسل هو شكل من أشكال النضال الفلسطيني.
وأدانت وزارة الثقافة الفلسطينية إنتاج الفيلم “أميرة” وقالت “إنه يعتدي ويسيء بكل وضوح لكرامة المعتقلين”، وقال وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف إن الفيلم “يمس بشكل واضح قضية هامة من قضايا الشعب الفلسطيني ويضرب روايتنا الوطنية والنضالية”.
وبدورها ردت أسرة فيلم “أميرة” أن الفيلم عرض في أيلول سبتمبر/2021 في مهرجان “فينيسيا”، الذي تبعه عرضه في العالم العربي في مهرجاني “الجونة” و”قرطاج” وشاهده آلاف من الجمهور العربي والفلسطيني والعالمي، كان الإجماع دائماً أن الفيلم يصور قضية الأسرى بشكل إيجابي وإنساني وينتقد الاحتلال بوضوح.
وأشارت أسرة الفيلم في بيان توضيحي لها إلى أنها كانت تدرك حساسية قضية تهريب النطف وقدسية أطفال الحرية، ولهذا كان قرارها التصريح بأن قصة الفيلم خيالية ولا يمكن أن تحدث، فالفيلم ينتهي بجملة تظهر على الشاشة تقول “منذ 2012، ولد أكثر من 100 طفل بطريقة تهريب النطف. كل الأطفال تم التأكد من نسبهم. طرق التهريب تظل غامضة”.
واستدرك البيان أن “أسرة الفيلم لم تترك الأمر للتأويل، بل أكدت بهذه الجملة أن الفيلم خيالي وأن طريقة التهريب الحقيقية غير معروفة، بل إن عمر البطلة في الفيلم 18 عاماً يتنافى منطقياً مع بداية اللجوء لتهريب النطف في 2012.
وختم البيان أن الهدف السامي الذي صنع من أجله الفيلم لا يمكن أن يتأتى على حساب مشاعر الأسرى و ذويهم والذين تأذوا بسبب الصورة الضبابية التي نسجت حول الفيلم.
واعتذرت إدارة مهرجان “القدس” السينمائي الدولي بدورها عن وقف عرض الفيلم نهائياً في دور العرض السينمائية العربية والدولية، والاعتذار للأسرى وذويهم، لما يحمله الفيلم من “إساءة لنضال أسرانا البواسل”.
واستنكر مدير المهرجان “عز الدين شلح” ما جاء على لسان مخرج الفيلم بأنه أدخل الخيال للفيلم، فالحقائق الإيجابية لا يمكن حبكها بخيال سلبي بهدف الربح، فالحبكة هنا أفرغت الفيلم من مضمونه الإيجابي واتجهت به إلى مضمون سلبي يشوه نضال أسرى وذويهم وقضية مستمرة لأكثر من قرن. وأستدرك أن “الجملة التي كتبت في آخر الفيلم كما يدعي المخرج، لن تساهم فيما يرسخه الفيلم من فكرة سلبية وإساءة لنضال أسرانا البواسل وقضيتنا الفلسطينية، وكذلك ما يقع من أذى على ذوي الأسرى”.
فارس الرفاعي – زمان الوصل
الرابط المختصر|| https://palfcul.org/?p=3182