بسم الله الرحمن الرحيم
انعكاسات تاريخية في رواية “ليالي إشبيلية” للروائية “نردين أبو نبعة”
شخصيات وأحداث
إعداد: أ. رباب محمد
رواية “ليالي إشبيلية” للكاتبة “نردين أبو نبعة” صدرت 2023، عن دار الرموز العربية في تركيا. الروايةً تحفة فنية أدبية؛ ربطت بين فلسطين والأندلس، بين إشبيلية والقدس، يظهر انعكاس التاريخ في مفاصل الرواية بوضوح، ليبث روح الأمل وينير الطريق الموصل إلى القدس مرة أخرى. عقدت الكاتبة نردين أبو نبعة التشبيهات بين جيل هُجِرَ من حي المغاربة الملاصق للمسجد الأقصى وجيل أجدادهم الذي هُجِرَ من الأندلس.
وبين قصة شخصيتين مختلفتين في زمانين مختلفين ومكانين مختلفين كانت خيوط الأحداث تتشابك لتعبر عن مآسي أصيب بها المسلمون في أزمنة مختلفة.
“نردين أبو نبعة” كاتبة فلسطينية ساهمت في التعبير عن هموم مجتمعها، حملت قضايا كبيرة ووثقت لأحداث وكوارث كبيرة، من خلال سرد حياة الشخصيات المتخيلة لأبطال رواياتها، وحاولت تقديم رسالة تحمل مجموعة من القيم والأفكار والرؤى العميقة.
في هذا المقال سنقدم بعض التعريفات التأصيلية للرواية التاريخية، ثم لمحة عن حياة الكاتبة، وتلخيصاً للرواية، ثم ندرس إلى أي مدى استطاعت هذه الرواية أن تعيدنا للتَّاريخ وتستلهم العبر والدروس.
الكلمات المفتاحية: الرواية التاريخية، إشبيلية، القدس، نردين أبو نبعة، ليالي إشبيلية.
المدخل:
الرواية التاريخية هي تلك الرواية التي اتخذت مادتها الأساسية من التاريخ، أي أن صاحبها اعتماد على البحث في كتب التاريخ بدلاً عن التجربة، أو المشاهدة أو حتى التخيل المحض. ويعرِّف النقاد الرواية التاريخية بقولهم: ” هي عمل سردي يعمل على إعادة بناء أحداث حصلت في الماضي بطريقة تخيلية، حيث تتداخل شخصيات تاريخية مع شخصيات متخيلة”. [1]
الكاتب يرى العالم بمرآة خاصة ومن زاوية خاصة، يحلل الأحداث بطريقته ثم يربطها بغيرها، فتجتمع وتصطف كقطع البزل لتظهر الصورة الكاملة أمام عينيه؛ ثمَّ يصل الكاتب إلى عِبَرْ من وراء كل تلك الأحداث.
يسعى الكاتب من خلال روايته إلى نقل تلك الصورة المنعكسة للمتلقي. وهنا لا بدَّ يُعْمِلُ الكاتبُ خيالَهُ ويضيف تفاصيل تزيد الصورة جمالاً؛ أو قبحاً بدون أن يبدل في أصل الأحداث بكونها قد حدثت فعلاً وحَدَّثنا التاريخ عنها؛ وهذه الإضافات ما كانت إلا لتخدم الفكرة التي يريدها الكاتب، وإعطاء قيمة أكبر للحدث بعد إخضاعه للمساءلة والمراجعة وإكمال الجزئيات التي لم يهتم بها خطاب التاريخ. [2]
فما هي الأحداث التي تناولتها رواية ليالي إشبيلية؟ ومن هي الشخصيات التاريخية التي جاءت في ثنايا هذه الرواية؟ وهل كانت كلها حقيقية؟ وإلى أي مدى تداخل الخيال بالوقائع التَّاريخية والشخصيات التَّاريخيَّة في هذه الرواية؟
لمحة عن الكاتبة “نردين أبو نبعة”:
وُلِدت الكاتبة والروائية والإعلامية “نردين أبو نبعة” في عمان عام 1971م. أتمت التحصيل الابتدائي والمتوسط والثانوي في السعودية حتى عام 1988، أما تحصيلها الأكاديمي فقد حصلت على شهادة الجامعة الأردنية بعمان في العلوم الشرعية سنة 1992، شغلت عضوية لجان التحكيم في عدد من مسابقات الأطفال وشاركت في ورشات لتدريب الأطفال على كتابة القصص، وهي عضوة في رابطة الكتَّاب الأردنيين ورابطة الأدب الإسلامي العالمية مكتب الأردن، حصلت على لقب “امرأة فلسطين” للرواية عام 2017. ونالت جائزة تقديرية في مسابقة العودة التي نظمتها مؤسسة بديل في رام الله، فلسطين سنة 2011م عن قصتها “دراجة”، صدر لها ما يزيد عن ثلاثين قصة للأطفال، كتبت عشرات القصص للمناهج التعليمية. [3]
روايات الكاتبة نردين أبو نبعة تلخص حال الشعب الفلسطيني ومعاناة المرأة على وجه التحديد.
رواياتها:
إني وضعتها أنثى
باب العامود
قد شغفها حبا
سبع شداد
وأخيراً “ليالي إشبيلية” التي بين أيدينا الآن.
تلخيص الرواية
تبدأ أحداث الرواية بحدث كبير هو هدم “حي المغاربة” المجاور للمسجد الأقصى وتسويته بالأرض، يوم 10 حزيران عام 1967 وإخراج الأهالي من الحي.
“حي المغاربة” اسم أطلقه صلاح الدين الأيوبي بعد الفتح إذ أسكنَ فيه جنوده المغاربة بعد بلائهم الحسن في المعارك.
“ذابت المعالم تماماً فلا أعمدة ولا سقوف ولا بيوت، لا أصوات ولا أشجار، لا مساجد ولا مدارس ولا مقامات، الثلاثة آلاف فلسطيني طُردوا لتتحول حارة المغاربة إلى ساحة مبكى”.[4]
بعد ابتعاد الأهالي عن الحي المهدم، ووصولهم لمكان آمن يخيمون وينامون قليلاً، يستيقظ الطفل الصغير “نصير” وكأن أحداً أيقظه. يردد
“لن يأخذوا ألعابي لن أدعهم يأخذوها”[5]
يتسلل إلى بيتهِ، يأخذ علبته النحاسية من تحت الأنقاض، ويقف قليلاً يتأمل الجدران المهدمة فيجدُ مخطوطاً قديماً خرجت أوراقه من بين الأحجار، يخرجه برفق وينطلق عائداً إلى المخيم. يجد والده في حالة من الغضب والخوف عليه، يضربه في البداية ثم يحتَضِنه ويحمل الأب المخطوط بَين يديه، يفتحه ويقرأ:
“ها أنا أنتهي من كتابة قصتي وأنا أستنشق هواءً مفعماً بالعزة، أسند رأسي على حائط البراق، الحائط الذي ربط رسول الله دابته به وعرج إلى السموات” يونس الإشبيلي.[6]
هنا ينتقل السرد من قصة نصير المقدسي إلى قصة يونس الإشبيلي.
يونس ابن عالم من علماء إشبيلية وكان أبوه عاملاً في بلاط ملك إشبيلية، طاف في آخر حياته على الإمارات الأندلسية يدعو إلى تأليف قلوب ملوك المسلمين المتناحرين.
ولأنَّ هناك من لا يريد للمسلمين وجوداً ولا استمراراً على تلك الأرض ولأنَّه كان يعمل على توحيد كلمة المسلمين والتي هي أساس وجودهم تربصوا به وقتلوه؛ وقطعوا رأسه ووضعوه أمام بيته، قبل يوم واحد من ولادة يونس.
يُطْرَق باب البيت تفتحه الأم بتلهف تظن أن زوجها عاد من سفره، لتجد رأسه معلق على سيف، فتصرخ:
“يا أهل القصبة لقد قتلوا شيخكم ومثلوا برأسه[7]“وتدب في جسمها آلام الولادة، يولد يونس وتموت الأم في اليوم التالي “صرخت صرختي الأولى بينما لفظت أمي نفسها الأخير “[8]
تلفه القابلة بالقماط وتأخذه لتربيه وتقول:
“مسكين هذا الصبي فقد أمه وأباه في يوم واحد”. [9]
تنتقل الكاتبة هنا إلى سرد الأحداث العامة للأندلس، من سقوط طليطلة وتوقيع الملك لمعاهدة سلام مع ألفونسو ملك قشتالة. كل هذه الأحداث تجريها الكاتبة على شكل حوارات شيقة بأسلوب سلسل على ألسنة العامة، ومن خلال هذه الحوارات تعرض لنا الآراء المتباينة حول تلك المعاهدات مع القشتاليين، وكان أصحاب الرأي والفكر يرون تلك المعاهدات التي سميت معاهدات سلام وسيلة لتجهزِ القشتالين للوقت المناسب للانقضاض على الإمارات الأندلسية واحدة بعد الأخرى.
ثم كانت الحوادث تتولى لتشكل عقداً حول رقبة السلطان، وانتشر بين الناس خبر بأن السلطان يفرض الضرائب على الناس. ويسوق لألفونسو السادس الذهب والفضة والمواشي.
إلى أن وصل الأمر أن يطلب ألفونسو من السلطان أن تلد زوجته في مسجد من مساجد المسلمين، فثارت ثائرته، ورفض طلبه، وتوعده ألفونس بالحرب، فاستعان السلطان بملوك الممالك الأندلسية فلم يجبه أحد، فاستنجد بابن تاشفين، وتحدث معركة الزلاقة، ويدخل ابن تاشفين إلى إشبيلية ويستقبله الناس استقبال الفاتحين.
تموت القابلة التي ربت يونس واعتنت به عشر سنين، ويرجع إلى إخوته للعيش معهم، إخوته يرفضونه ويعاملونه بقسوة، اعتقاداً منهم أنه سبب وفاة والدتهم، دفعوه للعمل مع خباز، تعلم من الخباز الصلاة وتعرف على الله، تعلم منه، فنشأ في قلبه حب العلم والعلماء وأراد أن يطلب العلم، ولكن زمنه قد تولى في إشبيلية ، فأراد الذهاب إلى المغرب العربي موطن ابن تاشفين، ولمرات عدة حاول الهرب من إخوته وركوب البحر فيمسكون به ويعيدونه، وفي المرة الأخيرة أثناء هروبه يستمع له أخوه لأوسط لأول مرة ويفهم إرادته فيتركه.[10]
وعند الشاطئ يلتقي بأحد طَّلاب أبيه فيرافقه في ركوب البحر، ويفترقان عند الشاطئ ويقدم له بعض النصائح في طلب العلم والتزكية، وصل فاس تنقل بين مساجدها يبحث عن عالم يختلف إليه، ويطلب العلم بين يديه، حتى قابل الشيخ ابن حرزهم فالتزمه، يدهش ابن حرزهم بسرعة حفظ يونس واتقاد ذهنه، فعلمه القراءة والكتابة بجانب القرآن الكريم والفقه، ومن رفاقه عند الشيخ الفتى “إدريس”، وتطورت علاقتهما فكانا يتجولان معاً في فاس بعد الدرس، ثم تعرف على والديه، رَقَتْ أم إدريس ليونس فكانت تعتني به وبلباسه كما تعتني بابنها إدريس تماماً، وتدعوه لتناول الطعام معهم في بيتهم، أو ترسل له طعاماً تعده، تمر السنوات ويكتسب يونس العلم الغزير، يسافر مع شيخه إلى بلاد الشرق ويزور حلب، يسمع بالحملات الصليبية؛ ويستعرض مدى خوف الناس من الفرنجة، ثم يسافر إلى الحج ويبقى لسنوات يطلب العلم هناك على يد الشيخ عبد القادر الجيلاني، ثم تصل أخبار سقوط المسجد الأقصى في يد الفرنجة الصليبيين عام أربعمئة واثنين وتسعين والمجازر التي حصلت هناك بحق المسلمين، يستمر في تطوافه في البلاد يزور تلمسان وبغداد، ثم يخرج من بغداد بسرعة ليلحق بالحجاج العائدين إلى المغرب وهناك يهمس في أذنه الشيخ “اذهب إلى المغرب لتشعل فتيل النفوس .
“إن الفتح قد اقترب ونحن بحاجة لسيوف إخوتنا المغاربة”
يمر بعكا ليسافر منها إلى المغرب، يقيم هناك عدة أيام و أثناء تجواله ليلاً يسمع صوتاً جميلاً يتلو آياتاً كريمة يخرج من بئر، فيقترب ويسأل صاحب الصوت عن اسمه وخبره، فإذا هو رجل مسلم من تلمسان سجين عند الفرنجة، اسمه إبراهيم التلمساني، ينزلونه في بئر ليلاً و يخرجونه للعمل نهاراً، فيترك يونس القافلة الذاهبة إلى المغرب تغادر، وبقي في عكا ليعمل على تحرير الأسير التلمساني، واستمر لأشهرٍ يحفرُ نفقاً يصل به إلى البئر، ويصل أخيراً ويحل وثاق الأسير ويخرجه، وبمساعدة أهل عكا يختفون في البيوت حتى يلتحقوا بعد أسابيع بقارب في البحر، يطلب إبراهيم من يونس الإشبيلي مرافقته لزيارة تلمسان ويلح عليه، وفي تلمسان يزوِّجه صديقه التلمساني من أخته، ويقيم يونس مع زوجه، يذيع صيته بين طلاب العلم، يقصدونه من كل مكان، ثم يضيق بيته بالطلاب فينشئ مدرسة.
تصبح تلمسان مكان تجمع البحارة المغاربة، يستقبلهم يونس الإشبيلي يعلمهم ويزكيهم، يصل إلى تلمسان خبر إنشاء نور الدين الزنكي منبر للأقصى، وخبر أرناط الذي صنع أسطولاً من أخشاب غابات الكَرَك حتى أهلكها، وحمل السفن على البغال إلى آيلة على البحر الأحمر، ونكل بالحجيج، وأعلن أنه يريد المدينة المنورة، لينبش قبر رسول الله ويأخذ جسده الطاهر إلى فرنسا، فيرسل صلاح الدين قواته ويمسكون بجنود أرناط ويأسرونهم، يذهبون بقسم منهم إلى القاهرة ويقتلونهم هناك، وقسم يقتادونهم إلى مكة ويُقتلون يوم النحر، ويستطيع أرناط الفرار.
يقص الجنود المغاربة الذين شاركوا في تلك المعرك الأخبار على الشيخ يونس الإشبيلي وتلامذته بعد عودتهم، كما يبشرونهم ببدء الحشد لتحرير المسجد الأقصى بقيادة صلاح الدين. يخطب يونس بتلامذته أنَّ زمان الإعداد قد ولَّى، ويسألهم هل أنتم مستعدون للمسير إلى المعركة الكبرى؟ فيكبر التلاميذ ويجيبون بأنها اللحظة المنتظرة.
تبدأ الاستعدادات للمعركة. يطلب أولاد يونس منه القعود خوفاً عليه وقد بلغ من الكبر عتيا ، فلا يلتفت لهم ويلبس لباس الحرب ويخرج مع أولاده وتلامذته ومريديه ويصلون دمشق، ويلتحق يونس ومن معه بجيش صلاح الدين، يجتمع يونس الإشبيلي بصلاح الدين ويبدؤون مع القادة ورجال الدين بتجهيز الخِطط، وسار الجيش نحو الكرك لإيهام الفرنجة أن الجيش يريد أرناط، لكنه يعسكر قرب طبريا وتحدث معركة كبيرة تفتح الطريق إلى القدس بعدها، وكانت معركة حطين سنة “خمسمئة وثلاث وثمانين” أثناء المعركة تُقْطَع يد يونس الإشبيلي وما هي إلا ساعة وإنهار الصليبيون وفر من فر وسقط الكثير بين جريح وقتيل وسقط ملكهم ومعه أرناط أسرى في يد صلاح الدين.
يلتقي صلاح الدين بـ “أرناط” ويقول له: “نذرت مرتين لقتلك مرة عندما اتجهت إلى المدينة تريد قبر رسول الله، ومرة عندما غدرت بالحجيج وتجار المسلمين، ها أنا أنتصر لرسول الله” وبحركة مفاجئة يقطع رأس “أرناط”، كما قتل “جيرار” وثلاثمئة من فرسانه لأنه عاضد أرناط في أفعاله، وتصل الجموع إلى القدس، يخطب صلاح الدين بالناس، هذه الأرض المقدسة التي سأل موسى ربه أن يدنيه منها رمية حجر.
لكن القدس محصنة فكان صلاح الدين قد أحضر أدوات الحصار الكافية، وأصدر أوامره بالهجوم، وشدد الأوامر لأصحاب المجانيق أن يبعدوا القذائف عن المدينة وليكن فقط على الأسوار كي لا تتضرر المدينة، حتى جاء ليان مطأطئ الرأس يعرض الصلح، وافتدى الصليبيون أنفسهم وخرجوا ودخل المسلمون القدس.
وبين قصة الحفيد والجد في رواية ليالي إشبيلية كانت الخيوط تتشابك لتسرد كل المآسي التي أصابت المسلمين في أزمنة متفاوتة في الترتيب ولكن في النهاية لابد لنصرٍ يتعب لأجله المسلمون أن يصبح حقيقة ويذوق المسلمون طعم الانتصار.
ويجري التساؤل على لسان نصير الطفل الصغير في حي المغاربة:
“أيعقل هذا الشبه بين جدي الذي قُطِعت يده ويونس الإشبيلي الذي قُطِعت يده أيضاً أي رابط بين أبطال الرواية في المخطوط وأبطال حي المغاربة؟ هل يجب أن نخطو نفس الخطوات التي خطاها أجدادنا لنعود للقدس؟”
وتكتمل قصة يونس لتعطي الأمل مرة أخرى للعودة إلى القدس ودخول المسجد الأقصى.
عودة إلى التاريخ
الشخصيات:
يونس الإشبيلي
لم يثمر البحث عن أي ذكر لهذا الاسم في كتب الأعيان والعلماء، إلا أنَّ الكاتبة “نردين” كتبت في بداية روايتها عبارة” إلى أبو مدين الغوث” فانطلقتُ من هذه الجملة للبحث عن وجود هذه الشخصية تاريخياً. فكان السؤال الذي يراودني هل يونس الإشبيلي هو أبو مدين التلمساني؟
أبو مدين التلمساني
ذُكِرَ أبو مدين في كتبٍ عدة؛ هو شعيب بن حصين الأنصاري، أصله من الأندلس من “حصن قطنيانه” قرب إشبيلية، ومات والده وهو في سنٍ مبكرة، وترك له ولإخوته غنم، فكان يخرج لرعيها، وكان في غدوه ورواحه يرى أناساً يصلون ويقرؤون القرآن ويتعبدون، فيعجبه فعلهم، فيقترب ليستمع لهم، ولكن في جهله ذاك لم يكن يفقه ما يقولون.
ويتحدث عن ذلك فيقول: “فإذا رأيت من يصلي ويقرأ القرآن أعجبني وأدنو منه، وأجد في نفسي غماً لأنني لا أحفظ شيئاً من القرآن ولا أعرف كيف أصلي، فقويت عزيمتي على الفرار لأتعلم القراءة والكتابة”[11] يلحق به إخوته ويعيدونه كلما حاول الفرار، إلى أن أقنع أحد إخوته برغبته في طلب العلم فيتركه لأمره.
يصل عند البحر ويلتقي بشيخ، بقول أبو مدين عن لقائه بالشيخ: ” فأخذ حوتا يطعمه لي مشوياً، ثم قال: انصرف إلى الحاضرة، حتى تتعلم العلم، فإن الله تعالى لا يعبدُ إلا بالعلم”.[12] فتقع هذه الكلمات في نفسه موقعاً عظيماً.
أقام في فاس وأخذ العلم عن علمائها والتزم الشيخ ابن حرزهم،[13] وبعد أن مكث سنين في فاس انتقل إلى مكة حيث لقي عبد القادر الجيلاني.[14]
إن هذا التقارب الكبير بين الشخصيتين أوصلني إلى أن الكاتبة قد أخذت من شخصية أبي مدين أساساً لشخصية “يونس” في روايتها، وقد عَدَّلت في بعض الأحداث.
أقول بعضها وليس كلها، وإنما هنا أدخلت التخييل وحَمَّلت الشخصية الكثير من الأفكار والمشاعر التي تخدم الرسائل التي تريد إيصالها للقارئ، وأنا أرى أنها قد وُفِقَتْ وأجادت هنا إجادة طيبة.
عبد القادر الجيلاني
هو أبو محمد عبد القادر الجيلاني، قد ولد في القرن الخامس، سنة أربعمائة وإحدى وسبعين، وتوفي سنة خمسمائة وستين، وقد نسب إليه الصوفية كثير من العقائد الفاسدة والباطلة، كما نسب النصارى إلى عيسى عليه السلام أموراً كثيرة جداً وهو منها براء، وكما نسب الباطنية على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ما هو بريء منه.[15]
ابن حرزهم
ابن حرزهم محدث، حافظ، مفسر، من أهل فاس، ومن كبار فقهائها، ومدرسيها العباد. ودرَّس بفاس ومراكش. وهو شيخ أبي مدين الغوث.[16] وتوفي الشيخ الفقيه الصالح أبو الحسن علي بن حرزهم بمدينة فاس سنة تسع وخمسين وخمسمائة.[17]
صلاح الدين الأيوبي: ٥٣٢ – ٥٨٩ هـ
هو يوسف بن أيوب بن شاذي، أبو المظفر، صلاح الدين الأيوبي، الملقب بالملك الناصر، من أشهر ملوك الإسلام. كان أبوه وأهله من شرقي أذربيجان، من الأكراد. نزلوا بتكريت، وولد بها “صلاح الدين”. ثم ولي أبوه “أيوب” أعمالاً في بغداد والموصل ودمشق. ونشأ هو في دمشق، تفقه وتأدب وروى الحديث فيها. ودخل مع أبيه “نجم الدين” وعمه “شيركوه” في خدمة “نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي” صاحب دمشق وحلب والموصل، واشترك صلاح الدين مع عمه “شيركوه” في حملة وجهها نور الدين للاستيلاء على مصر سنة ٥٥٩ هـ فكانت وقائع ظهرت فيها مزايا صلاح الدين العسكرية، ثم افتتح القدس سنة ٥٨٣هـ.[18]
أرناط
هو “رينو دوشاتيون” الملقب بأرناط، كان أرناط فارس الفِرَنج فِي زمانه.[19]
الأحداث
هدم حي المغاربة
حي المغاربة أحدُ الأحياء الأثرية في القدس القديمة، يقع إلى الغرب من المسجد الأقصى، ملاصقاً لحائط البراق، أوقفه الملك نور الدين بن صلاح الدين الأيوبي عام 1193م على المغاربة الذين شاركوا في دحر الصليبيين وفتح بيت المقدس، وكذلك الوافدين منهم إلى القدس من طلاب العلم والحجاج. وفي حزيران 1967 هدم الاحتلال الإسرائيلي حارة المغاربة بأكملها وشرد سكانها.[20]
سقوط طليطلة
في عهد “القادر بالله يحيى” ثار أهل طليطلة، لقتله ابن الحديدي، فاستعان بألفونسو السادس ملك قشتالة لاسترداد ملكه. وأقبل ألفونسو بجيوشه، وحاصر المدينة، ودخلها واغتصبها من القادر بالله، فخرج له عنها في شهر صفر ٤٨٧هـ / مايو عام ١٠٨٥م مقابل ترك ألفونسو له بلنسية. وهكذا سقطت مدينة طليطلة في أيدي الصليبيين.[21]
معركة الزلاقة
استنجد المعتمد بن عباد حاكم أشبيليه في الأندلس بابن تاشفين ضد النصارى الإسبان، فزحف ابن تاشفين من فوره، والتقى بالنصارى بقيادة ملكهم الفونس السادس وهزمهم شر هزيمة، عام ٤٧٩ هـ/١٠٨٦م.[22]
بناء منبر المسجد الأقصى
كان الملك العادل نور الدين محمود زنكي ـ رحمه الله ـ قد عَرفَ بنور فراسته فتح البيت المقدَّس من بعده، فأمر وهو في حلب باتخاذ منبرٍ للقدس، تَعِبَ النَّجارون، والصُّنَّاع، والمهندسون فيه سنين، وأبدعوا في تركيبه تزيينه، وأنفق في إبداع محاسنه أُلوفاً.[23]
محاولة غزو المدينة النبوية
حاول الصليبيون غزو المدينة المنورة سنة ٥٧٨هـ للتنكيل بالمسلمين، وعبر الصليبي أرناط أمير الكرك بحر الأحمر إلى “عيذاب” على الساحل الشرقي للبحر الأحمر، وقتلَ وأسر الكثيرين من أهاليها، ومضى يريد المدينة المنورة، وبلغ ذلك “صلاح الدين”، فأمر بتجهيز جيش عظيم بقيادة الحاجب “حسام الدين لؤلؤ” لرد عدوان “أرناط” فخرج الجيش ونجح في هزيمة “أرناط” وإحراق أسطوله وإفشال حملته، وأُسِر عدد كبير من جنوده، فأمر “صلاح الدين” بقتل الأسرى من جنود “أرناط” ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على حرم الله تعالى وحرم رسوله صلى الله عليه وسلم .[24]
معركة حطين
تعد “حِطِّين” من أشهر الحروب التي خاضها “صلاح الدين” ضدَّ الصليبيين، بدأت في ربيع الثاني سنة ٥٨٣ هـ، بين المسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي والصليبيين. وكان صلاح الدين قد وحَّد مصر والشام والعراق والجزيرة وجمع كلمة العرب تحت لوائه، فقرر التصدِّي للصليبيين فوضع خطة لاستدراجهم بعيدًا عن معاقلهم وحصونهم فانتهز فرصة تعدي الأمير “رينو دوشاتيون” المعروف بـ “أرناط” على قوافل المسلمين والحجاج ونقضه بذلك الهدنة التي بين المسلمين والصليبيين؛ فحرق لهم طبرية، ونفذ خطته، فجاءوه مجتمعين ومعهم الصليب الأعظم وعلى رأسهم ملك بيت المقدس في خمسين ألف مقاتل، وساروا إليه في أرض جرداء وعرة لا كلأ فيها ولا ماء في يوم شديد الحرارة، فعانى الصليبيون من التعب والحر والعطش. على حين كانت دوريات صلاح الدين تهاجمهم في المقدمة والقلب والمؤخرة، وتقوم بحرب إزعاج ضدهم، ثم تنسحب بسرعة، دون أن تعطيهم فرصة للالتحام، وكان عسكر المسلمين على سفوح هضاب حطين ينتظرون وصول الجيش الصليبي، ولما وصل الصليبيون طوَّق صلاح الدين بجيشه الهضبة التي تمركز عليها جيش الصليبيين، ومنع عنهم الماء، وأحرق المسلمون الأراضي المكسوة بالأشواك، وكانت الريح مواتية فحملت إليهم حر النار والدخان. وبدأ جيش المسلمين بالهجوم، وقاتل المسلمون الفرنجة ببسالة لا نظير لها، ولم يترك لهم المسلمون فرصة لالتقاط أنفاسهم، فهُزِم المشاة، وفرَّ قسم من الفرسان، وطوق المسلمون خيمة الملك، ودكوها، وأسروا الملك وجميع الأمراء والفرسان الصليبيين، وعددًا كبيرًا من رجالاتهم وقادتهم، فأكرم صلاح الدين ضيافتهم، وسقى مليكهم الماء المثلج. ثم شرع صلاح الدين فتح البلاد والمدن والثغور الصليبية حتى توَّج جهاده بتحرير بيت المقدس في شهر رجب من السنة نفسها.[25]
دخول القدس
وكان نزول السلطان على القدس يوم الأحد الخامس عشر من رجب، فنزل بالجانب الغربي، ثم انتقل – لمصلحة رآها – إلى الجانب الشمالي، وكان انتقاله يوم الجمعة العشرين من رجب، ونصب عليه المجانيق وضايقه بالزحف والقتال وكثرة الرماة، ولما شاهد الفرنج ذلك، قصد أكابرُهم السلطانَ “صلاح الدين” وتشفعوا إليه أن يعطيهم الأمان، فامتنع وقال: لا أفتحها إلَّا بالسيف عنوة، كما فتحتموها عنوة، ولا أترك بها أحداً من النصارى إلا قتلته كما قتلتم أنتم من المسلمين. فطلب صاحبها “باليان بن بارزان” من السلطان الأمان ليحضر عنده فأمنه، فلما حضر ترفق له وتشفع إليه بكل ممكن، فلم يجبه السلطان إلى الأمان.
فقالوا: لئن لم تعط الأمان رجعنا فقتلنا كل أسير من المسلمين بأيدينا، وهم قريب من أربعة آلاف أسير، وقتلنا ذرارينا وخربنا الدور والأماكن الحسنة، وأتلفنا ما بأيدينا من الأموال، وألقينا قبة الصخرة، وبعد ذلك نقاتل قتال الموت فلا يقتلُ واحدٌ منا حتى نقتل أعداداً منكم. فماذا يُرْتَجَي بعد هذا من الخير؟
فلما سمع السلطان ذلك أجاب إلى الصلح، على أن يبذل كل رجل منهم عن نفسه عشرة دنانير، وعن المرأة خمسة دنانير، وعن كل صغير وصغيرة دينارين، وأن تكون الغلات والأسلحة والدور للمسلمين ويتحولوا منها إلى مأمنهم وهو مدينة صور، فكتب الصلح على ذلك. ودخل السلطان والمسلمون البلد يوم الجمعة قبل وقت الصلاة بقليل، وذلك يوم السابع والعشرين من رجب.[26]
صلاة الجمعة الأولى في المسجد الأقصى
قال ابن كثير رحمه الله: ولم تتفق صلاة الجمعة يومئذ، يعني يوم دخولهم، خلافاً لبعضهم ممن زعم أنها أقيمت يومئذ، وأن السلطان خطب بنفسه بالسواد يومئذ، والصحيح أن الجمعة لم يتمكن إقامتها يومها لضيق الوقت، ولما كان في الجمعة الثانية، وأرادوا أن يقيموا به الجمعة، حضر المسلمون بالحرم الشريف من كل فج عميق، فاجتمع من الأعمال الإسلامية عدد لا يحصى، فلما أذن الظهر حضر السلطان بقبة الصخرة، وكان جماعة من الأكابر والعلماء قد رشحوا أنفسهم للخطبة في ذلك اليوم، وألَّفوا خطباً يخطبون بها، فلما كان وقت الخطبة أمر السلطان القاضي محيي الدين بن زكي الدين أن يخطب.[27]
وأخيراً
أثبَتَ البحثُ والعودة إلى كتب التاريخ الوجودَ التاريخي للعديد من الشخصيات المذكورة في الرواية، “عبد القادر الجيلاني، ابن حرزهم، صلاح الدين الأيوبي، أرناط، القاضي الدمشقي محيي الدين بن زكي الدين”.
كما أثبت الكثير من الأحداث التاريخية: سقوط طليطلة، معركة الزلاقة، الحملات الصليبية ومحاولة احتلال المدينة النبوية، معركة حطين، فتح بيت المقدس.
رواية ليالي إشبيلية رواية تاريخية استندت على شخصيات وأحداث تاريخية، وقد استخدمت الكاتبة الخيال في شخصية يونس الإشبيلي للالتفاف على المحاذير والقيود للكتابة التاريخية، وأرى أنها التفاتة موفقة مبدعة، وقد استخدمت الكاتبة الخيال والتخييل أيضاً لسد الثغرات والهفوات التي أسقطتها كتب التاريخ، ونجحت من خلال هذا السرد الجميل إلى هدفها في إيصال رسالة عظيمة بأن النصر لا يمكن أن يكون وليد يوم أو يومين وكذلك هو السقوط، ولا بد للنصر من رجال أشداء يُعَدون الإعداد الصحيح القويم القائم على العلم والقوة، وأن النصر لا بد قادم مادام يبذل أهله له الثمن.
المصادر
- ابن منقذ، كتاب الوفيات
- الموسوعة التاريخية، الشاملة
- أحمد معمور العسيري، موجز التاريخ الإسلامي، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، 1996م
- بدر الدين محمود العيني، عِقْد الجُمَان في تاريخ أهل الزمان، مطبعة دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة،٢٠١٠م
- خير الدين الزركلي، كتاب الأعلام للزركلي ت ١٣٩٦ هـ، ادار العلم للملايين، طـ: الخامسة عشر، ٢٠٠٢،
- شمس الدين الذهبي، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، دار الكتاب العربي
- عادل ضرغام، الرواية التاريخية رواية الهوية، دراسات عربية، جامعة القاهرة2022
- عبد الحليم محمود، شيخ الشيوخ، عن ابو مدين الغوث التلمساني، دار المعارف، القاهرة
- عبد الرحيم السلمي، شرح رسالة العبودية لابن تيمية
- عادل نويهض، معجم المفسرين من صدر الإسلام حتى العصر الحاضر
- مقال “حي المغاربة في القدس” للجزيرة ووثائقي. تاريخ 28/7/2023 https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2023/7/28/
- ميمونة الوحيدي: ” العتبات النصية في روايات نردين أبو نبعة” رسالة أكاديمية، 2021
- نردين أبو نبعة، ليالي إشبيلية، دار الرموز العربية، تركيا، بورصة، 2023
أ. رباب محمد
كاتبة وباحثة سورية، من ريف دمشق
باحثة في مرحلة الماجستير في جامعة إسطنبول كلية الإلهيات قسم اللغة العربية وبلاغتها
كاتبة لمجلة الأمة الالكترونية
من أعمالها رواية ” في عِداد الأحياء”
مجموعة قصصية للأطفال” قصة وحديث”
المقالات البحثية
السرد والمفارقات الزمنية في رواية ليالي إشبيلية
البديعيات والبديع، بديعية الشيخ طاهر الجزائري
الانعكاسات التاريخية في رواية ليالي إشبيلية شخصيات وأحداث
[1] عادل ضرغام، الرواية التاريخية رواية الهوية، دراسات عربية، جامعة القاهرة، 2017.صـ 7
[2] عادل ضرغام، المصدر نفسه
[3] ميمونة الوحيدي: ” العتبات النصية في روايات نردين أبو نبعة” رسالة أكاديمية، صفحة 10
[4] نردين أبو نبعة، ليالي إشبيلية، دار الرموز العربية، تركيا، بورصة، 2023، صفحة 12
[5] نردين أبو نبعة، ليالي إشبيلية، نفس المصدر السابق، صفحة 13
[6] نردين أبو نبعة، نفس المصدر السابق، صفحة 15
[7] نردين أبو نبعة، ليالي إشبيلية، دار الرموز العربية، تركيا، بورصة، 2023، صفحة 30
[8] نردين أبو نبعة، المصدر السابق نفسه، صفحة 32
[9] نردين أبو نبعة، المصدر السابق نفسه
[10] نردين أبو نبعة، المصدر السابق نفسه، ص74
[11]– عبد الحليم محمود، شيخ الشيوخ، عن ابو مدين الغوث التلمساني، دار المعارف، القاهرة، صـ 24
[12]– عبد الحليم محمود، المصدر نفسه، صـ 26
[13] عبد الحليم محمود، نفس الصدر، صـ 50
[14] نفس المصدر، صـ 53
[15] عبد الرحيم السلمي، شرح رسالة العبودية لابن تيمية، الجزء9، صـ 7
[16] عادل نويهض، معجم المفسرين من صدر الإسلام حتى العصر الحاضر. جـ 2، صـ787
[17] ابن منقذ، كتاب الوفيات، صـ 283
[18] خير الدين الزركلي، كتاب الأعلام للزركلي ت ١٣٩٦ هـ، ادار العلم للملايين، طـ: الخامسة عشر، ٢٠٠٢، جـ 8، صـ 220
[19] شمس الدين الذهبي، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، دار الكتاب العربي، طـ 2، بيروت،١٩٩٣م، جـ 14، صـ 19
[20]– مقال “حي المغاربة في القدس” للجزيرة ووثائقي. تاريخ 28/7/2023 https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2023/7/28/
[21] الموسوعة التاريخية، الشاملة، جـ 4، صـ 115
[22]– أحمد معمور العسيري، موجز التاريخ الإسلامي، مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض، 1996م، صـ 246
[23]– مقال منبر نور الدين زنكي وإصلاحات صلاح الدين الأيوبي في بيت المقدس، 26/2/2022. موقع الدكتور علي محمد الصلابي. https://www.alsalabi.com/article/3372
[24] كتاب موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي، الشاملة، جـ 5، صـ 111
[25]– كتاب موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي، الشاملة، جـ 13، صـ 28
[26] بدر الدين محمود العيني، عِقْد الجُمَان في تاريخ أهل الزمان، مطبعة دار الكتب والوثائق القومية ، القاهرة،٢٠١٠م، ج2، صـ 76.
[27] المصدر نفسه، جـ2، صـ 78
https://palfcul.org/?p=10116 رابط مختصر