يوسف الشايب:
المتجوّل في أزقة بيرزيت العتيقة، مع انطلاق فعاليات أسبوع التراث فيها، لا بد أن تتسلل رائحة القهوة العربية إلى أنفه، فتحدث ما تحدث من تأثير يتواصل معه خلال تجواله، متعثراً تارة بصانع الكراسي العتيقة التي كانت رائجة في المقاهي ومجالس المنازل والعائلات مطلع القرن العشرين، ونهايات القرن التاسع عشر، أو بتلك المسنّة تصنع السلال وصواني القش الملونة، أو ذلك الفنان الذي يصنع منحوتات من خشب الزيتون، على وقع موسيقى تراثية قادمة من هنا وهناك، وطنية وعاطفية وذات طابع مناسباتي، وأخرى حديثة نسبياً، وصولاً إلى تلك الموسيقى الفلسطينية الأكثر حداثة كـ”ولاد قدس” و”شب جديد”، وغيرهما.
وتحت شعار “حروف الزيتون”، انطلقت من داخل أزقة البلدة القديمة في بيرزيت، مساء أول من أمس، فعاليات أسبوع التراث في بيرزيت بدورته الحادية عشرة، بفقرة “العرس الفلسطيني” كما جرت العادة، وبعروض كشفية جابت شوارع البلدة حتى حطت في ساحة مسرح الاحتفالات الرئيس.
كان ذلك عند السادسة مساءً، وبعدها بثلاث ساعات كان جمهور الاحتفالية التي تعود بعد أن حجبها “كوفيد”، على موعد مع حفل للفنانة حنّة الحاج حسن، وتحديداً فيما يعرف بمسرح بيت الشاي، وهي ساحة لواحد من المباني العتيقة في البلدة القديمة، سبقها، لوحات من الدبكة لطلاب جبل النجمة، وفقرة للحكواتي حمزة عقرباوي، في “حوش الربيع”، ومن بين عروض الشارع فيه.
ويشتمل الأسبوع، الذي تنظمه منذ سنوات جمعية الروزنا على فعاليات متنوعة حتى اختتامه مساء السابع من الشهر الجاري، بهدف الحفاظ على الرصيد الحضاري، والإسهام في دفع عجلة التنمية الريفية وتوفير مصادر مدرّة للدخل وفرص منعشة للعمل لأهالي الريف.
وعلى مدار خمسة أيام، تجتمع في أزقة ومباني وساحات البلدة القديمة في بيرزيت، معارض التراث والعلم والفن، وأمسيات الطرب والموسيقى، والرقص الفلكلوري، وفعاليات الحرف الفنية والتراثية، والعروض السينمائية، إضافة إلى عروض حيّة ومباشرة أمام الجمهور للأكل الشعبي، ومعرض صور للفنانة ابتسام سليمان، وحلقات نقاش حول قضايا الموروث الثقافي والحقوق الثقافية.
بالإضافة إلى “الحوش الدولي”، أو “حوش الدول الأجنبية”، والذي يضم زوايا لكل من: الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، وألمانيا، واليابان، وسيرلانكا، وجنوب أفريقيا، والمكسيك، وغيرها من الدول العربية والأجنبية، ما يساهم في التبادل الحضاري والثقافي بين الشعوب، وفك العزلة عن فلسطين، وإيصال رسالة المهرجان بالحرية والكرامة إلى كل زائريه الأجانب وضيوف فلسطين من مغتربيها.
ويقام أسبوع التراث في أزقة وأحواش البلدة القديمة من بيرزيت، بالتعاون مع بلدية بيرزيت التي تعمل وجمعية الروزنا منذ سنوات على تنفيذ خطة متكاملة بالتعاون مع مؤسسة رواق للإعمار وجامعة بيرزيت والعديد من المؤسسات المحلية الريفية والمنظمات الشبابية، كنموذج للتنمية المستدامة في الريف الفلسطيني ونموذج لخلق شبكات ومصادر للتواصل وللتحرك قدماً بالمستقبل عن طريق الشراكات المحلية والإقليمية والدولية.
وجاء في بيان عمّمته في المكان الجهة المنظمة: بعد انقطاع سنتين بسبب جائحة كورونا، نعود وإياكم لأسبوع التراث في بيرزيت، بحيث نحتفل معاً بإرث الأجداد الذي يعيش فينا كنقطة انطلاق لحاضرنا نحو المستقبل، فتراثنا الأصيل الذي يحمل ملامح شعبنا ويحتفظ بسماته، يؤكد على عراقته، ويعبر عن همومه ومعاناته اليومية، كما يعكس روحه الشامخة، وآماله بالحرية والكرامة الإنسانية.
وأضافت “الروزنا”: نحتفل هذا العام أيضاً بالعرس الفلسطيني الأصيل، وبتقليد “زهرة الريف” في عامه السابع، ويعقد بإشراف محكمين من ذوي الخبرة في التراث الفلسطيني، وذلك لتتويج “أميرة التراث من بين الصبايا اللواتي يتنافسن حول معرفتهن في أمور عدة تتعلق بالموروث والتراث الفلسطيني.
فعاليات هذا الأسبوع في بيرزيت، تأتي “احتفالاً بالهوية الثقافية، وبالأصالة الوطنية، ولتقديم نموذج تنموي حيوي للريف الفلسطيني، بحيث تتحول أزقة وأحواش البلدة القديمة في بيرزيت إلى منطقة تنبض بالحياة، وتتزيّن بالمعارض والإبداعات الشبابية والفلكلورية، وأعمال الحرفيّين، وأكشاك الجمعيّات النسائية، وفرق الدبكة الشعبية، والأمسيات الموسيقية والطربية.
المصدر: جريدة الأيام
رابط مختصر: https://palfcul.org/?p=5060